يواجه الرئيس الامريكي جورج بوش الذي جعل من مكافحة الارهاب محورا رئيسيا في سياسته الداخلية والخارجية، أزمة خطرة في وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) بعد استقالة عدد من المسؤولين البارزين فيها. وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية بورتر غوس في مذكرة ارسلها عبر البريد الالكتروني الى الموظفين يوم الاثنين اننا نساند عمل الادارة وسياساتها في عملنا، نحن كموظفين في الوكالة لا ندخل او نؤيد او نترأس اي معارضة للادارة في سياساتها، نحن نقدم المعلومات الاستخباراتية كما نراها وندع الحقائق وحدها تتحدث الى صانعي السياسة. ومن بين اهداف مذكرة غوس وقف تسرب المعلومات الاستخباراتية التي احرجت الرئيس الامريكي اثناء حملته الانتخابية الا ان المذكرة نفسها تسربت الى صحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز. وتلا مسؤول من السي اي ايه لوكالة فرانس برس جزءا من مذكرة غوس التي جاءت في صفحتين. وقال المسؤول ان تصريحات المدير اخذت خارج سياقها من جانب صحيفة فسرتها على انها تهدف للطلب من موظفي السي اي ايه دعم سياسات الادارة الامريكية. كما نفى المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان يكون غوس يسعى الى تسييس الوكالة وقال ان بوش لديه ثقة عظيمة في التزام المدير بتطبيق اصلاحات في الوكالة. وجاء في مذكرة غوس: المهم بالنسبة لنا هو تقديم المعلومات الاستخباراتية حول موضوع ما وان نفعل ذلك من دون اضافة الى تلك المعلومات او اعطائها اي شكل بأي طريقة كانت .. نحن لسنا منظمة تعنى بالسياسة. اننا نبلغ المعلومات لصانعي السياسة ونتجنب اي تدخل سياسي. ان ال (سي اي ايه) منظمة ليست لها انتماءات حزبية. وذكرت المذكرة موظفي الوكالة كذلك بقسم السرية الذي أدوه منذ التحاقهم بالعمل فيها وأن الاتصال مع وسائل الاعلام يجب ان يتم من خلال مكتب الشؤون العامة التابعة للوكالة وان اي اتصال مع الكونغرس يجب ان يتم من خلال مكتب شؤون الكونغرس. وجاءت تلك المذكرة في اعقاب استقالة مسؤولين بارزين في الوكالة بعد مواجهات مع مدير مكتب غوس نجم على ما يبدو عن تهديد بتحميل رئيس قسم مكافحة التجسس في الوكالة مسؤولية تسريب الانباء حول الموظفين. وقد منح غوس الذي تولى مهام منصبه قبل شهرين تفويضا باجراء اصلاحات في الوكالة في اعقاب الاخفاقات الاستخباراتية حول العراق وهجمات 11 سبتمبر 2001 ضد الولاياتالمتحدة. الا ان المذكرة تدل على انه يحاول اولا القضاء على اي مؤشرات على المعارضة السياسية داخل الوكالة التي تولى جورج تينيت ادارتها مدة سبع سنوات بعد ان عينه الرئيس الامريكي السابق بل كلنتون وابقى عليه بوش في منصبه خلال فترة ولايته الاولى. واثارت التسريبات الاستخباراتية التي زعزعت مواقف بوش حول العراق خلال الحملة الانتخابية غضب مسؤولي الادارة الامريكية وعززت الشكوك بين المحافظين من ان عناصر مارقة في السي اي ايه تأخذ جانب الديموقراطيين. كما اثارت مخاوف وحالة من عدم اليقين داخل الوكالة حول احتمال التخلص من مسؤولين يعتبرون مستقلين جدا. وقال فينست كانيسترارو الرئيس السابق لقسم مكافحة الارهاب في المخابرات الأمريكية ان هذه المسألة ليست ثانوية بل انها مسألة هامة .. بعض التسريبات احرجت نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني. وكان بين تلك التسريبات الكشف عن تحذيرات قدمتها الاستخبارات حول احتمال اندلاع تمرد في العراق وان المعلومات الاستخباراتية حول امتلاك العراق اسلحة دمار شامل لم تكن قاطعة وانه لم يتم العثور على علاقة اكيدة بين الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتنظيم القاعدة. واضاف كانيسترارو في مقابلة اجريت معه: اعتقد ان الحادث الاخر من وجهة نظر نائب الرئيس هي انه واصل التأكيد على وجود علاقة بين صدام حسين وابي مصعب الزرقاوي وصدام حسين والقاعدة .. بينما واصلت الوكالة تقديم تحليلات تقول (لا هذا غير صحيح). والاسوأ من ذلك هو انهم سربوا قبل الانتخابات ان تلك العلاقة ليس لها وجود. اعتقد ان ذلك اثار غضب نائب الرئيس. واضافة الى ذلك تردد ان خلافا وقع بين مساعدي غوس ممن كانوا يعملون في الكونغرس ومدريين بارزين في الوكالة. وقال كانيسترارو ان لدى غوس تفويضا باحداث تغييرات وتطبيق اصلاحات وبالطبع هناك بعض التغييرات الضرورية موضحا ان الطريقة التي تتم بها ذلك غير مناسبة. وقال ان تأثير ذلك هو انخفاض معنويات الموظفين من ذوي الرتب المتوسطة ما يدعو للاسف لان هناك حاجة الى تلك الفئة الى اشخاص مخلصين ويقظين تماما خصوصا فيما يتعلق بتهديدات مثل خطر الارهاب. واعلن نائب مدير السي اي ايه جون ماكلوغلين الاسبوع الماضي استقالته من منصبه وتبعه نائب مدير العمليات ستيفن كابيس ونائب مدير العمليات المساعد مايكل سوليك.