رغم مضي أكثر من 22 عاما على ذلك الحوار الصحفي الذي دار بيني وبين (الختيار الرمز) ياسر عرفات إلا أن تعبيراته وتلقائيته وحرارة الحوار معه تظل في الذاكرة وإن كنت قد وضعت شيئا من ذلك في سلسلة (شهود هذا العصر) إلا أن في الذاكرة عن ذلك الرجل أشياء كثيرة. رحل أبو عمار .. الختيار الرمز الذي التف حوله الشعب الفلسطيني بكافة فصائله وإن اختلفوا معه ، ترجل أبو عمار من على صهوة جواده على بعد خطوات من أسوار وأبواب القدس بعد مشوار نضالي مليء بالتضحيات والشهداء والصعاب والمنافي... رحل أبو عمار بعد حوالي 50 عاما حمل خلالها منذ أن كان طالبا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة قضية شعبه العادلة في قلبه ووجدانه وأوصل صوت شعبه المظلوم والمشرد إلى مشارق الأرض ومغاربها بعد أن ظن المحتل الغاصب أن قضية فلسطين انتهت وشطبت من الأجندة الدولية ، لقد استطاع عرفات خلال هذه المرحلة الطويلة والشاقة أن يجعل من القضية الفلسطينية بندا أساسيا في الأجندة الدولية ووضعها مع نضال شعبه الصامد في صدارة اهتمامات الأمة العربية والإسلامية ، ورغم قساوة المرحلة التي انطلقت خلالها الثورة الفلسطينية منذ عام 1965 مرورا بعام 1967 الذي شهد النكسة مثلت الثورة الفلسطينية بأعمالها النضالية وشعاراتها التحريرية رمزا للعمل الوطني العربي ولامست قلوب الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج التي منحتها الدعم والمساندة كما حظيت الثورة في ذلك الوقت بدعم واسع من العواصم السياسية العربية كرمز للنضال. لقد وقف عرفات خلال هذه المرحلة التي شهدت أعاصير عاتية شامخا كالطود .. مرددا عبارته الشهيرة (يا جبل ما يهزك ريح) واثقا ثقة المؤمن بعدالة قضيته وبالنصر مهما طال الزمن فظل حتى آخر رمق في حياته مؤمنا بقضيته ملتحما بتراب وطنه ولم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون أن ينال من عزيمة الرجل الذي أدار مسيرة نضال شعبه من مقره المحاصر وشبه المدمر في رام الله بل انتصر على الإرهاب والجبروت الإسرائيلي في حصاره ومرضه وموته ، وما حدث من تأبين رسمي للرئيس عرفات والجنازة التي حمل فيها الحرس الجمهوري الفرنسي نعش عرفات على الأكتاف وسط مراسم تأبين رسمية لا تحدث إلا لزعماء فرنسيين هو تقدير واعتراف لدور عرفات النضالي وقضية شعبه العادلة ، والجنازة الرسمية التي أقيمت في القاهرة والتي شارك فيها زعماء العالم تؤكد أيضا على التقدير لدور عرفات والاعتراف بعدالة القضية الفلسطينية. لقد وضع عرفات الشعب الفلسطيني عبر سنوات نضاله الطويلة على بعد خطوات من أسوار القدس التي كان يحلم بأن يرفع شبل أو زهرة علم فلسطين على أسوارها وفي هذه المرحلة الصعبة والقاسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني مطلوب منه وبكافة فصائله الحفاظ على الوحدة الوطنية والالتفاف حول الهدف الوطني الذي يحقق للشعب الفلسطيني آماله في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. @@ .. تذكر!! تذكر يا سيدي أن الفخر ليس ألا تسقط بل الفخر أن تنهض إذا سقطت وتذكر أيضا أن الساقط لا يخاف السقوط.. وكفى. @@ وخزة .. تمر الأحساء مفقود ... مفقود ... مفقود ... ولا تسألوني... كيف ؟؟