عندما بدأت تباشير ليلة العيد لم اجد نفسي الا وانا اتجول في شارع القدس (القطيف) طلبا لرؤية فرحة العيد بين الناس او لملامسة احساس البهجة التي لا تأتي في العام الا مرتين.. واخذت ابحث عن هذه البهجة والفرحة بين الانوار المعلقة في الشوارع والطرقات او بين ازعاج ابواق السيارات المزدحمة او قد تكون موجودة في المحلات المزدحمة بالمشترين.. والتي لها الاحساس الكبير الدفين بأن هذه الليلة ليلة عيد.. ولفت انتباهي وجود العشرات من الصالونات النسائية في هذا الشارع.. فما كان من خطواتي الا ان تسبقني لاحداها او لعدد منها للاطلاع على ما يجري هناك ليلة العيد.. وما كادت يداي تهم لتفتح باب اول صالون الا وقد امتلأ عن آخره بالفتيات والنساء من مختلف الاعمار.. الثاني الثالث.. جميع الصالونات على هذه الشاكلة الكل يطلب مقومات الجمال استعدادا ليوم العيد.. فهناك عدة طرق وعلاجات بالامكان عملها داخل الصالونات من قصة الشعر وصبغه.. مناكير.. بداكير.. ميك أب.. عمل خصلات.. مساج.. الخ ولكن المثير او العجيب ما يدور بين هؤلاء السيدات او الفتيات من احاديث.. فبينما كنت انتظر دوري كغيري من العشرات استرق سمعي اجباريا غصبا عن الاذن.. احاديث طريفة ومثيرة لارتفاع اصوات السيدات المتعالية.. فنانات خليجيات مع ارتفاع صوت السشوار ارتفع معه صوت سيدتين احداهما كانت تقول وهي تصرخ لتسمعها الاخرى.. يا اختي الاول كنا نركض ونلهث نقلد على الفنانات اللبنانيات.. الرشاقة.. المكياج.. الازياء.. لنرضى ازواجنا او انفسنا.. هالمدة لازمنا نقلد الخليجيات. فأسرعت الاخرى بالرد قائلة: والله ياهالة يا اختي ذبحونا (هالرجاجيل) ما ادري رجالنا انجنو والله احنا مقصرين.. زينب العسكري لابسه كذا وهاذي بعد ما ادري شسمها.. ياربي اشكثر اعاني.. مكياجها وشعرها.. عاد تصدقين انا جهزت ليوم العيد.. بكرة.. ملابس شبيه لما كانوا يعرضونه لنا والله درت الدمام.. الخبر.. القطيف.. عشان القى مثلهم..الخ الطريق الى كابل ومع اصوات المقصات وادوات البدكير انتقل بصري لثلاث فتيات كنا يتبادلن اطراف حديث آخر. الاولى نقول: يا ترى ايش السبب اللي خلى القنوات تقطع عرض مسلسل (الطريق الى كابول). فأجابتها الثانية: يمكن لان مافي عرض ازياء ومكياج مثل باقي المسلسلات المصرية او الخليجية او السورية الاخرى. وعلا الضحك بينهن فقالت الثالثة: يمكن لان النهاية محزنة جدا ومبكية جدا وترفع الضغط واحنا نستعد للعيد فخلصوكم من الاحزان. الفال ثم التفت لناحية اخرى فوجدت سيدة جالسة فوق الكرسي المخصص لصباغة الشعر وهي تجادل العاملة الموجودة بالصالون وتقول:(واذا لم تضبط الصبغة عندي.. انا اريد لون معين.. بعدين كيف راح اغيرها) والعاملة تؤكد لها انه اللون المطلوب وتطمئنها وتستطرد السيدة في حديثها قائلة:(في الاجازة عندما كنت مسافرة قرأت لي احداهن الفنجان وقالت سوف تحدث لي مفاجأة يوم العيد..) وترد عليها العاملة(هل تصدقين كلام الفال يامرة) وترد السيدة: لا بس مجرد تخمينات لذلك اريد ان اكون اخر شياكة في يوم العيد. فترد العاملة مازحة وهي تضحك: الظاهر يبغى لنا نعمل لكم جلسة فال او قراءة الفنجان لئلا تملوا من الانتظار. فتجيب السيدة: والله فكرة.. على الاقل نتسلى.. افضل من الانتظار في الزحمة. زحمة * زحمة وكانت تجلس الى جانبي 8 سيدات اخذن يتأففن من الانتظار الطويل واخذت واحدة تقول: الليلة العيد ورانا شغل في البيت.. وحنا جالسين 3 ساعات ننتظر في الصالون. فأكملت الثانية قائلة: اصلا الشوارع زحمة احنا وصلنا الصالون بالموت تصوروا كم حادث مرينا عليها اللهم يا كافي من الزحمة.. لكن الحمد لله كلهم على خفيف. فأخذت سيدة تقول مازحة: تصوروا مثلا في زحمة السيارات هذي الشوارع ان سيدة على وشك ولادة.. كيف يكون نقلها للمستشفى وبعد كم ساعة.. اكيد بتولد في الطريق. فردت صاحبتها:: يا ام عبدالله حرام عليك.. لا تقولين على الناس عاد الليلة عيد. وعندما مللت الانتظار الطويل خرجت من الصالون متجهة للصالون الآخر القريب منه علني اجد مطلبي بدون الانتظار الطويل.. فكانت السيدات المنتظرات للدور ليس باقل من الصالون الاول فاخذت مكاني لاسمع غصبا عني احاديث السيدات المنتظرات كانت واحدة تجلس وهي تحادث ابنتها على الجوال وتقول: يابنتي.. اسمعي.. بسبوسة.. كما تطلق عليها بدلال.. خليك مع الخادمة.. علشان التنظيف.. ترتب مجلس الرجال بسرعة وبعدين رتبي معها وضع الحلويات والمكسرات مثل ما انا اسوي كل مرة.. وخليها توظب.. فناجين القهوة والشاي للضيوف وتنظفهم يمكن اتاخر في الصالون وما ارجع ا لا وقت متأخر الصالونات زحمة والليلة عيد.. وابوك يبغى كل شىء جاهز من الليل علشان الجيران يجون عندنا يعيدوا ويباركوا من الصباح..الخ وكانت الاخريات الى جانبها يتبادلن حديثا آخر يشتكين الحال في هذه الايام.. وصعوبتها.. حيث كانت الاولى تقول: وين بتسافروا يا ام احمد: فترد ام احمد: والله يا ام بدر مالنا استطاعة سفر مثل ما تعرفين رمضان شهر البركة صرفنا فيه ما شاء الله.. العيد وتجهيزاته.. اصلا في الايام العادية.. يطير الراتب نصف الشهر.. فما بالك الحين.. مشتريات السوبر.. مشتريات العيد اللي تكسر الظهر.. كل واحد من الاولاد له طلباته.. والحال مثل ما انتي خابرة يا ام بدر. فتجيب ام بدر: والله صادقة يا اختي ايامنا هذه كل شيء غال ويبغى له والمئة ريال عن ريال. معركة غذاء العيد ولفت انتباهي سيدة في الثلاثينات قد احمر وجهها غيظا وتطاير الشرر من عينيها وهي تحادث صاحبتها. وتقول: والله يا خيرة لوما الليلة عيد كان عملت معاه (ها الرجل) حركة كبيرة.. علشان يفهم ويقدرني. فتحاول صاحبتها اسكاتها قائلة: شوى.. شوى.. هدى اعصابك.. صلى علي النبي.. ماله داعي ها الكلام.. تفاهمي مع الرجال وتجيب الاولى: اقول لك هذا ما يفهم.. عجزت تعبت وانا افهم فيه من يومين.. يا رجال افهم.. يوم العيد اريد استقبل اهلك واهلي والمعيدين والمباركين لنا بالعيد وانا في كامل كشختي.. مثل ما انتي شايفة.. (اللطعة في الصلون من متى الى متى) وحضرته يبغاني انا يوم العيد اطبخ وانفخ واستقبلهم بروائح البصل والثوم.. وانا جالسة انتظر علشان استشوار.. وتعديل. وعمل اظافري.. كيف راح البس بدلة جديدة يوم العيد وانا راح ادخل المطبخ.. البلد مليانة مطاعم.. والكل يشتري جاهز يوم العيد فتحاول الثانية الاجابة: يمكن زوجك ما يحب الا طبخك او يمكن يحب يبين شطارتك ونفسك الطيب لاهله.. تفاهمي معاه احسن..الخ. اجازة مطبخ الحمد لله اخيرا برتاح من تقصف الاظافر وربط الشعر..جملة ابتدأتها احدى الجالسات.. واخذت تكمل قائلة.. لصاحباتها.. طوال شهر رمضان كل يوم ساعات طويلة بالمطبخ.. ولا نجد متنفسا لابراز هذا الجمال.. تقولها وهي تهز رأسها.. اما من غد.. الليلة اجازة.. لا طبخ.. لا نفخ.. فسأكون العروس الجالسة.. تقول وهي ضاحكة.. فغدا.. غذاء العيد والاجتماع عند اهل زوجي.. العشاء في المطعم.. والايام التالية اما معزومين واما نتمشى ونتاول الوجبات في المطاعم.. فكه. وترد عليها اخرى قائلة: لله الحمد الكثير من غد بعد المباركة بالعيد.. سوف نتوجه للكويت لمدة يومين منها التنزه والسياحة ومنها مشاهدة المسرحيات الجديدة التي سوف تعرض للعيد. فتقاطعهن اخرى قائلة: (مهما روحتوا او جيتوا) روح تعال كما يقال ستكون الاختبارات لمنتصف الفصل في الانتظار.. عيدوا كم يوم وبعيدين هم الاختبارات والمدارس يرجع يعني الونسة بتطلع عليكم. وانتبهنا انا مع الجالسات على صوت شجار عنيف ولع بين اثنتين من الجالسات كل واحدة تقول ان الدور لها اولا.. وكانت العاملات في الصالون يحاولن تسوية الوضع معهما ولكن دون جدوى لان كل واحدة تعرض سيلا من الاسباب يجعلها او يجعل لها الاحقية والاولوية. فوقفت وانا اهم للمغادرة والخروج والسير رجوعا لمنزلي. لاجرب خبراتي السابقة وقدراتي التجميلية في المنزل افضل من الانتظار طويلا فقد استكفيت بما سمعت من حوارات مع ازعاج اصوات السشوارات..