الترشيد مطلب حضاري في كل شيء.. فالترشيد يعني الوسطية في استعمال الاشياء الضرورية المتاحة وعدم الاسراف فيها او التبذير في استعمالها.. او استهلاكها.. والترشيد في استعمال الطاقة اوالغذاء اوالماء ثمرة من ثمرات الوعي باهمية هذه الاشياء.. والوعي لايأتي من فراغ.. بل هناك قنوات اجتماعية مهمة عليها عبء هذا الترشيد وعليها ان تحمل مسؤوليتها كاملة لانها مسؤولة في الدنيا والآخرة. فالبيت والاسرة عليهما مسؤولية اولى في ترشيد استهلاك الماء.. كيف؟ الام في المنزل عليها ان تعلم اولادها الطريقة المثلى في استهلاك الماء ولا تكون كذلك الا اذا جعلت من نفسها قدوة حية.. فلا اسراف في الماء في غسيل الاواني والملابس.. وغسيل البيت ومرافق البيت والسباحة أو (التروش) والاب كذلك في استحمامه ووضوئه وغسيل سيارته وغير ذلك. اذا رأى الأولاد والديهما يعتنيان بالماء في استعماله.. لاشك ان ذلك سينعكس على سلوك افراد الاسرة صغيرها وكبيرها. ولا مانع ان يعقد الوالدان لافراد الاسرة جلسة قصيرة في زمانها كبيرة في فائدتها يشرحان لأولادهما أهمية هذا السائل الشفاف الذي يوازي الحياة. يوضحان فيها تكاليف وصوله الى المنزل وطرق استخدامه ومأساة فقدانه لو فقد لا سمح الله. ويربطان ذلك كله بالمنهج الديني الحنيف الذي ينهي عن التبذير فيه وفي غيره وكيف ان المبذرين اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا كما نعلم. فالماء نعمة كبرى على كل حي.. ومن وسائل شكر النعمة عدم هدرها او صرفها في غير محلها، والحفاظ عليها بقدر الامكان. فالترشيد الذي تدعو اليه وزارة المياه لو تعمقنا قليلا في معنى هذه الكلمة (الترشيد) لوجدنا انها جاءت من كلمة (الرشد) والرشد هو الاستقامة والسير في الطريق الصحيح.. وضده الغي الذي هو الضلال والضياع حفظنا الله من ذلك. فاذن هي دعوة للاستقامة في استهلاك الماء في كل شأن من شؤون استعمال المياه فاذا علمت عزيزي القارئ ان الاسراف في الوضوء ممنوع شرعا ولو كنت على نهر جار ادركت حرص الاسلام على الماء ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة في استعماله للماء في غسل يديه الكريمتين ووضوئه وغسله. ونحن في هذا العصر توفرت لنا اشياء كثيرة لم تكن متوفرة في زمن مضى.. فابتلينا بالغفلة ومارسنا الاسراف في كل شيء من حيث ندري ولا ندري.. فبذلك نحتاج الى رفع لواء التوعية للترشيد في كل شيء حتى لا نقع تحت طائلة الحاجة والحرمان. فالنعمة تحتاج الى شكر لتبقى وتزيد واول شكر لنعمة الماء هو عدم اهراقه فيما لا طائل منه.. خاصة في الغسيل. ويجب ان نضع ايدينا في ايدي ولاة الامر للحفاظ على هذه الثروة التي لا تقدر بمال الا وهو الماء الذي جعل الله تعالى منه كل شيء حي.