ان تصويت الكنيست الإسرائيلي لصالح خطة شارون للانسحاب من غزة خطوة تجاه تحقيق سلام دائم بين الدولة العبرية والفلسطينيين. غير أن هذا الهدف لا يزال بحاجة إلى المزيد من الجهود للتحقيق، منها الإجلاء الفعلي للمستوطنين في الضفة الغربية بالإضافة إلى التزام الفلسطينيين ببناء حكومة مستقرة ومعتدلة في غزة كنواة لدولتهم المستقلة. ان تحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون -المعروف بانة مهندس الحركة الاستيطانية بعد حرب الأيام الستة- المخاطر لتحقيق الفوز في الكنيست. فقد صوت الكثيرون من أعضاء لجنة التشريع في حزب الليكود الذي يرأسه والأحزاب الائتلافية ضده، مما دفعه الى الاستعانة بالأحزاب المعارضة الأكثر تحررا أو ليبرالية. اما إجراءات الأمن غير المسبوقة التي أحاطت بشارون بينما كان يهم بدخول الكنيست كنتيجة لتزايد التهديدات بالقتل من هؤلاء الذين يتهمونه بالخيانة. إن خطة شارون تقترح إجلاء ثمانية آلاف و200 مستوطن يعيشون بين مليون و 300 ألف فلسطيني في غزة، بالإضافة إلى بضع المئات من الضفة مع بقاء 200 ألف اسرائيلي فيها . وتشير إلى الحاجة الى المزيد من الأصوات في الكنيست قبل البدء في عمليات الإخلاء الفعلية للمستوطنات في غزة بما فيها من قوات إسرائيلية. اما القول إن الانسحاب الإسرائيلي من غزة يعطي السلطة الوطنية الفلسطينية التي يترأسها ياسر عرفات الفرصة لكي تحكم المنطقة وتظهر للعالم كيف يمكن أن تحتوي هؤلاء الذين يتخذون من القطاع قاعدة لهم. غير أننا نؤكد على أن إسرائيل لا تستطيع أن تلقي بتلك القضية على عاتق الفلسطينيين وحدهم، فترى ضرورة أن تتعاون معهم للتنسيق بشأن الكثير من القضايا كعبورهم الحدود الى داخل إسرائيل للعمل. المهم إن غزة تعتمد بشدة على المساعدات الخارجية حيث يعيش أكثر من نصف سكانها على دخل يبلغ دولارين فقط يوميا. ان إسرائيل يجب أن توافق على إخلاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية. ونشير إلى أن الرئيس بوش اتخذ خطا مغايرا لسياسة الولاياتالمتحدة التي انتهجها الحزبان الجمهوري والديموقراطي لعقود طويلة، بالاعتراف بمطالب إسرائيل في الاحتفاظ بالمستوطنات الكبرى التي تعتقد الكثير من دول العالم بعدم شرعيتها، نظرا لتشييدها على أراض استولت عليها اسرائيل في حرب 1967 فضلا عن كونها أراضي حيوية يحتاج اليها الفلسطينيون لقيام دولة فلسطينية فعالة. الدليل إلى دعوة الرؤساء الأمريكيين السابقين إلى إخلاء المستوطنات على الرغم من اتفاقهم ضمنيا على ضرورة عدم إخلاء بعضها. ان شارون شن حملته العسكرية الأخيرة على غزة، بعد أشهر من إعلانه عن خطته للانسحاب هناك، هادفا في الحقيقة الى تفنيد الاعتقاد بأن انسحابه سيكون إراديا لا تحت وطأة المقاومة العنيفة التي تلقاها القوات الإسرائيلية هناك. ونؤكد على مصرع الكثير من المدنيين بجانب من تصفهم بقادة الإرهابيين في حملة شارون الأخيرة على غزة، فانها تمتدح افتتاحه للمناظرة التي استمرت يومين بالكنيست، بالإعلان عن ندمه لفقدان أرواح الأبرياء من الفلسطينيين. ان اعلان شارون الذي شارك في كافة الحروب التي خاضتها إسرائيل، بادرة سلام من الرجل الذي يعرف بأحد محاربي إسرائيل. ان رفض إسرائيل مناقشة قضيتي اخلاء المستوطنات والجدار الفاصل مع الفلسطينيين يدفع الولاياتالمتحدة إلى التدخل في عملية السلام بين الطرفين بشكل فوري. فالولاياتالمتحدة وحدها هي التي يمكن أن تدفع إسرائيل إلى التفاوض مع المعتدلين الفلسطينيين على حد تعبيرها. فضلا عن أن إدارة الرئيس بوش كانت لديها النية لترك شارون يفعل ما يحلو له بصرف النظر عن العواقب. خلاصة القول أن خطة شارون للانسحاب من غزة هي فرصة جيدة للولايات المتحدة لكي تعيد التركيز على الدولة الفلسطينية، التي أيد الرئيس بوش قيامها ويقول الإسرائيليون إنهم سيقبلونها.