يعيش الشعب الفلسطيني في شهر رمضان - مثل كل عام - في ظروف اقتصادية وامنية ونفسية محزنة .. مكان الزينة وضعت صور الشهداء الذين سقطوا بالمئات منذ انتفاضة الاقصى على جدران المدن والقرى والمخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة. وانخفض التسوق الرمضاني هذا العام كمؤشر عن ضيق الخناق الاقتصادي على الشعب الفلسطيني جراء الحرب الاقتصادية والعسكرية الخانقة التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني. مشاعر البهجة الرمضانية تغيب بالكامل عن الشارع الفلسطيني على وقع الاوضاع الصعبة التي يحياها المواطنون الفلسطينيون فرغم دخول رمضان الذي يعد اهم مواسم التسوق فان الباعة لم يفلحوا في استقطاب الزبائن الى محالهم التجارية رغما عن تفننهم في عرض البضائع المتعلقة بالموسم. ويكتفي الفلسطينيون بإلقاء نظرات استطلاعية لا تخلو من الحسرة على المعروضات وقد ينتهي بهم الامر الى الاستفسار عن اسعارها دون الشراء في غالب الاحوال. وكثير من الاسر الفلسطينية تجلس على مائدة الافطار في غياب ابنائها فثمة اباء فقدوا اطفالهم وزوجاتهم وثمة اسر فقدت عائلها جراء القصف الاسرائيلي الوحشي والمستمر للمدن الفلسطينية والذي اضحى مجلسهم على موائد الافطار خاوياً كما تنصرف العواطف الرمضانية للمواطنين الفلسطينيين الى اخوانهم القابعين وراء قضبان سجون الاحتلال الاسرائيلي والذين يزيد عددهم يوماً بعد اخر. اما بطولات الانتفاضة فلم تغب عن صلاة التراويح في مختلف المساجد بفلسطين والتي غالباً ما يعقبها الدعاء للشهداء والابتهال بالشفاء للجرحى وبالافراج عن الاسرى. واذا كان الفلسطينيون يمر عليهم رمضان في ظل انتفاضة الاقصى فان الامهم تزداد مع استمرار سفك الدم الفلسطيني وسقوط المزيد من الشهداء ومواصلة تجويعهم. وفي منحى اخر تجد ان أطفال قطاع غزة يلهون بالرصاصات الفارغة وشظايا القذائف والصواريخ التي أطلقتها القوات الإسرائيلية في غارات شنتها مؤخرا بدلا من فوانيس رمضان التي كانت تثير فرحتهم في الشهر المبارك في الماضي، ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة التي ألقت بظلالها على كل جوانب الحياة، بدا شهر رمضان المبارك لدى أهالي غزة عاديا بعيدا عن الأجواء الرمضانية التي اعتاد الفلسطينيون على إحيائها رغم الصعوبات التي كانوا يواجهونها بالأساس.