يستشف من الكلمة الضافية التي وجهها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين إلى سائر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل لهذا العام الذي قال عنه رب العزة والجلال في محكم تنزيله: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه) .. يستشف من تلك الكلمة أهمية الاعتصام بحبل الله مصداقا لقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا) فالأمة الإسلامية اليوم بأوضاعها الحالية مدعوة للعودة إلى كتاب الله وسنة خاتم أنبيائه عليه أفضل الصلاة والسلام، فما أحوجها إلى ذلك في زمن تبعثرت فيه الكلمة وتشتت فيه الصفوف وكثرت فيه الفتن والمعصيات وبرزت فيه بين صفوف تلك الأمة فئات ضالة اتخذت من الغلو مركبا لتمرير انحرافاتها وأخطائها وأفكارها الشريرة المنافية تماما لمقتضيات العقيدة الإسلامية السمحة وتعاليمها الربانية الخالدة، فالإسلام ينبذ العنف والتطرف والإرهاب وقتل الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وترويع الآمنين وإدخال الرعب والذعر إلى نفوسهم وتقويض المنجزات والمنشآت الحضارية بالهدم والتخريب والتدمير ونشر الفساد والإفساد في الأرض، وتلك أمور شاذة وشريرة ما أنزل الله بها من سلطان، فالإسلام لايدعو إلى تلك الأفاعيل الإجرامية الخارجة عن نهجه القويم الذي عرفت مبادئه بالحكمة والاعتدال والوسطية والتوازن ، فرب العالمين يقول في كتابه الشريف: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) فتلك الوسطية التي تتمتع بها الأمة الإسلامية بين أمم الأرض لايمكن بأي حال أن تجيز تلك الأفكار المنحرفة والشاذة التي صدرت ومازالت تصدر من فئات ضالة زينت لها رموزها وشياطينها مسالك التهلكة والخراب والدمار فطرقتها وهي سادرة في أوهامها وغيها وتظن أنها تقوم بأعمال صحيحة لنصرة المظلومين والمضطهدين والمستضعفين في الأرض في حين أنها تقوم بأعمال إجرامية شوهت صورة الإسلام لدى الرأي العام في كل مكان، وشوهت صورة المسلمين النقية في كل وسط، فتحول المسلمون للأسف بفعل تلك الأعمال المشينة إلى مجموعة من الإرهابيين المنحرفين الخارجين عن كل دين وقانون وعرف.