أم عبد الله امرأة لم تبلغ الأربعين من عمرها بعد ومع ذلك فقد تحملت أعباء الحياة لتربي أبناءها الصغار فكافحت وعملت منذ نعومة أظفارها في عمل ( خبز القرصان) والذي تعلمته من والدتها والتي ورثته أيضاً عن والدتها ولذلك فهي تحتفظ بالتاوة الخاصة بذلك والتي يبلغ عمرها أكثر من ستين عاماً لجودتها وعدم توافر مثيل لها في الوقت الحاضر لكونها ( سوداء) وهي أفضل من البيضاء وأكثر تحملاً. أم عبد الله الدوسري فقدت صغيرتها ذات التسعة أعوام قبل ثلاث سنوات بعد حمى أصيبت بها فاحتسبتها عند الله تعالى وصبرت راجية أن يعوضها الله عنها كل خير فيما تدعو لابنيها بالتوفيق في حياتهما العلمية والعملية ليعوضاها سنوات التعب والشقاء متمنية أن يحصل ابنها العشريني على وظيفة تناسب مؤهلاته.وقد استمرت أم عبد الله في خبز القرصان لزبائن والدتها- يرحمها الله- والتي توفيت قبل حوالي 14 عاماً، واحترفت هذه المهنة التي تحبها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً حيث أتقنت فنون هذه المهنة ووثق بها الناس فطالبوها بالمزيد لما يجدونه لديها من إخلاص وإتقان ونظافة. وبمناسبة قرب الشهر الفضيل تصحو أم عبد الله منذ بزوغ الفجر لتبدأ عمل الخبز تلبية لطلبات الناس المتزايدة خلال شهر شعبان لتنجز كل يوم 22 أو 23 كيلو جراما من القرصان وهذا يكلفها جهداً ووقتاً كثيراً بالرغم من أن الطلب في بقية شهور السنة لا يتجاوز ثلاثة إلى خمسة كيلو جرامات يومياً مما يكلفها كثيراً لقلة الطلب ولكنها تضطر لقبول طلبات زبائنها الدائمين ولا ترفض لهم طلباً. وعن مكونات القرصان قالت أم عبد الله ان غالبية الطلب على القرصان العادي المكون من التمر والطحين والملح والماء وتستخدم الطحين الإماراتي الأبيض عادة فيما يفضل المصابون بالسكر الطحين البُر لفائدته وان كان الطحين الأبيض ألذ طعماً. وهناك أيضاً القرصان المحلى ويتكون من طحين وملح وماء مع سكر وبيض ويضاف له الهيل والزعفران. وقد تخبز أم عبد الله القرصان بالجبن بصفة خاصة عندما يطلبه ابنها الصغير حيث تضع الجبنة المبشورة على العجين. وعن طريقة العجن تقول أم عبد الله تعجن العجينة بالطريقة العادية بحيث لا تتنصد وتكون العجينة أكثر سماكة من عجينة اللقيمات. ثم تترك العجينة دقائق حتى تخمر وتمسح بعد ذلك على التاوة مع إزالة العجين الزائد حتى لا يصبح الرقاق سميكاً فيعافه الكثير من الناس وتترك حتى تنضج وتيبس ثم تزال عن التاوة بالسكين المعد للصباغة والتلييس بينما تمسح بداية باليد مع شدة الألم الذي اعانيه لكثرة العمل هذه الأيام فالحريق يطال يدي لأكثر من مرة وأشعر بالألم داخل قلبي. وقد سمعت بأن الخبازات في الأحساء يستخدمن علبة الشريط للمسح أو أفياش الكهرباء. وعن استخدامات القرصان أوضحت أم عبد الله أن غالبية أهالي المنطقة الشرقية يستخدمونه لصنع الثريد في رمضان للإفطار أو يوضع مع الحليب في وجبة السحور لأنه شبيه ( بالكورن فليكس) ويصنع الثريد بعمل صالونة لحم ثم إزالة الدسم من ظاهرها والليمون الأسود وبعد تكسير القرصان إلى قطع صغيرة يصب عليه القليل من الصالونة بحيث لا يلين ويعصر الليمون الأسود على الدسم ثم يصب فوق الثريد ليصبح حامضاً. وتتذكر أم عبد الله من العادات الرمضانية القرقيعان وربيعة المسحراتي والذي كان يجوب أرجاء الخبر لإيقاظ الناس عند وقت السحور بطبلته. كما تتذكر حرص الناس على الأكلات الشعبية كالهريس والثريد واللقيمات والسمبوسة بينما مازالت تحرص على توفيرها في مائدة رمضان وتتبادل الزيارات مع اخوتها في هذا الشهر الكريم.