مهرجان الجنادرية ليس مجرد احتفالية تستعيد التاريخ وتربط الأجيال بتراث أسلافهم، وإنما بوابة حضارية وإنسانية لها دلالات مهمة في تقديم موروثنا الحضاري للعالم، وهو في الواقع إطلالة واسعة على سلوك ونشاط إنساني جدير وحقيق بأن يبرز ويتجدد عاما بعد آخر، وذلك يعني أن نطور جميعا فكرتنا لهذا الحدث ليس كفعالية ترفيهية وإنما تجديد للدورة الدموية الحضارية لبلادنا ومجتمعنا، وقياسا بتطور المهرجان خلال الأعوام الأخيرة يمكن الجزم بأنه آن الأوان لأن ينطلق المهرجان الى آفاق عالمية جديدة بابتكار فعاليات وبرامج تجعله جزءا من النشاط الإنساني الدولي. معادلة الجنادرية قائمة على أننا أصحاب حضارة وتراث بشري ضارب الجذور في التاريخ، وبالتالي فإننا صنّاع حضارات، بدءا من تلك التي في الجوف والتي جابت صحراءنا الشاسعة عبر التاريخ، وخلال ذلك فإن هناك إرثا قدّم للإنسانية الكثير الذي يستحق أن نحتفي ونفخر به، ولذلك ينبغي أن يغوص المهرجان أكثر في تاريخنا ويلتقط الدرر الحضارية لإنسان منطقتنا في سالف العصر والزمان، فالعالم يحب الاستكشاف ومعرفة ماذا فعلنا للبشرية؟ وماذا قدمنا؟ وما هو حجم إسهامنا الحضاري؟ ولدينا رصيد كبير في الواقع يجب أن يتسع له مهرجان الجنادرية بالانفتاح أكثر على كل ما له صلة بذلك التاريخ. عالمية الجنادرية يمكن أن تكتسب من خلال التنسيق مع منظمة اليونيسكو والمنظمات الدولية المعنية بالتاريخ والأنشطة البشرية والتراث العالمي، ويمكن أن يكون هناك ضيوف محاضرون في التاريخ والحضارات من كل أنحاء العالم، ويمكن توجيههم الى محاور بعينها نبدعها لأجل إيجاد الصلة بيننا وإرثنا من جهة والحضارات العالمية من جهة أخرى، يمكن أن نصنع الكثير الذي فيه صالح حضارتنا وتاريخنا وواقعنا، أي أن نوظف الجنادرية برؤية انفتاحية تستوعب ماضيا عريقا وتستلهم مستقبلا مشرقا. الجنادرية مؤهلة لأن تكون أكبر مهرجان وحدث تاريخي وعالمية الجنادرية يمكن أن تستقطب مثقفين مهمين يحبون المنطقة ويخلصون في تقديم إرثها، في مختلف الفنون، ويمكن لفنانين تشكيليين لهم قدرات يشهد بها العالم أن يرتبطوا معنويا وفنيا بتاريخنا لاستلهام أفكار فنية وإبداعية ترسم أجمل اللوحات التي يخلدها الزمن وتعرضها الجنادرية فتكتسب تجددا وحيوية تمزج الترفيه بالمعرفة، نحتاج لأن نربط العالم بنا ونرتبط به، لأننا لا نزال غير مكتشفين وعلى مسافة من غيرنا وحقيقة دورنا الحضاري والإنساني، فنحن أكبر من تلك الصورة النمطية التي تربطنا دوما بالنفط والمال، وهما اكتساب من الطبيعة وذات الأرض التي انتجت تلك الحضارات التي يجهلها العالم. الجنادرية مؤهلة لأن تكون أكبر مهرجان وحدث تاريخي عالمي، ولكي نطور هذه الرؤية لا بد من الانفتاح البرامجي وتوظيف وسائل الإعلام لعرض فعالياتها، واستقطاب الشخصيات الدولية المؤثرة منها لتغطيته وجذبها لذلك، فالمهرجان من حيث المبدأ لافت للنظر، ولكن لا بد من دعم ذلك بخيارات ثقافية وتقنية وعلمية تتسع معها دائرة الاهتمام ليصبح أكثر أهمية لكل باحث تاريخي وحضاري وعلمي في كل أنحاء العالم، فأن نكون عالميين ذلك خيارنا وما يمكن أن نصنعه ونبتكره، فمع التقدم التنموي للمملكة يمكن أن يقوم الجنادرية بدور مواز يعكس قصة تطور مذهلة ومثيرة للاهتمام ولافتة لكل أنظار العالم. تويتر @sukinameshekhis