استاذي الفاضل د. ناصح الرشيد.. لم اتردد لحظة في اتخاذي قرار الكتابة اليك ان امسك بالقلم واجبره على الانصياع ليحط كلماتي على صفحات هذه الورقة البيضاء كبياض العالم الذي احلم به واتمناه بعد ان طغى السواد على كل شيء حولي واصبح المستقبل بالنسبة لي مظلما في ظل الحاضر القاتم الذي اعيشه بسبب من يفترض ان تكون الشجرة التي تظلني في الهجير والمظلة التي احتمي بها بعد الله تعالى من عواصف الزمان وشدته.. هل عرفتها؟ انها امي وللاسف امي التي جعلتني في حيرة من امري.. هل اسكت؟ هل اتحدث بما اسمع وارى؟ هل ارضى بان يبقى ابي في دور الزوج المخدوع ام اهدم المنزل على من فيه من ابناء بما فيهم انا كاتبة هذه السطور. امي يا دكتور ناصح واقولها بصراحة (منحرفة اخلاقيا) وقد اكتشفت ذلك وواجهتها مرارا بمكالمات هاتفية اطلعت عليها وخروجها مع رجال آخرين.. ولكنها اعترفت بكل شيء وردعتني عن التدخل فيما لا يعنيني مهددة اياي بالنفي الى منزل جدي او افتعال الاكاذيب ضدي والتي حتما سيصدقها ابي ويكذبني؟ ولا اخفيك ايها الفاضل بانني لم اخف لحظة من تهديداتها على نفسي ولكني خشيت على اخوتي وعلى مشاعر والدي حين يعلم بانها تخونه وهو غافل بعد ان اعطاها الثقة العمياء في الدخول والخروج ووفر لها السائق الذي يصطحبها حيث شاءت. وافكر في قرارة نفسي ما الذي تهدف اليه من مقابلتها لهؤلاء الرجال وخروجها معهم فابي لم يقصر معها من الناحية المادية ويوفر لها ما تشاء من مستلزمات فهل يستحق منها كل هذه الخيانة والغدر؟ اعلم انك حكيم ولديك من الخبرة الكثير ولكن هل تستطيع ان تدلني على طريقة استطيع من خلالها التركيز في دراستي حيث انني طالبة في الثانوية وسط هذا الجو الذي اعيشه بقلق وتوتر وحيرة. قبل كل شيء شكرا لك لانك قرأت سطوري حتى آخرها. وشكرا لك على نصحك قبل ان اقرأه. شكرا لك على كل شيء. @@ المعذبة/ انيسن تمسكي بقوة اعتمادك على اللهانيسن.. هذا امر بلاشك جلل، ويهد اركان الارض التي يقوم عليها بيتكم، وهو حرام مغلظ عند الله ولكن تعلمنا من ديننا الا يحملنا فقط الشك والظن، لا ادري كيف تحققت ان امك تخرج مع رجال اخرين، ومع دناءة هذا ان كانت تفعل فلابد انك لن تتأكدي اذا كانت تمضي في علاقاتها معهم الى اقصى ما يمكن ان يكون بين الرجل والمرأة. على انني بالفعل لن اغفل انها مشكلة كبيرة، واحسن تقديرك للامور، وتأكدك من كل معلوماتك واتيقن تماما من مدى صراعك النفسي الرهيب ليس لانها كما انت تعتقدين تخون اباك بل لانها فوق ذلك تخون دينها قبل كل شيء. ذكرت في رسالتك ان امك تعرف انك تدرين عن تصرفاتها، وسأفرض انك لم تكرري ذلك بعد تهديدها لك، وانما جلست بعيدا تهلكين اعصابك وقلبك في المسائل الكبرى لن تحل المشاكل نفسها بدون ان نبادر بالتقدم نحوها لكي نحلها. والا انها في مجمل الحالات ستكبر وستزيد، ولكن احذرك ان بعض الحلول الخاطئة قد تزيد من السوء سوءا، وبعض الحلول لمشاكل قائمة على مجرد الظنون ستخلق مشاكل اصعب، وستبقى لطخة سوداء لا يزيلها الزمن بسهولة. فأنا اؤكد عليك اكثر من مائة مرة بان تتأكدي جدا من صحة معلوماتك قبل ان ترمي امك بتهمة واحدة. ان خروجها المتكرر مع السائق امر ليس جيدا في أي حال، ولكن ما تفعل وهي في الخارج هو هذا الذي اقف معك به طويلا، لان الظنون والارتياب قد تعمي الشخص تماما ولا تجعله يرى بوضوح، وانما يرى تصورات الظنون، ومشاهد الارتياب. اذن عليك يا فتاتي ان تتأكدي من ذلك وبكل حواسك الممكنة قبل ان تقدمي على أي خطوة.. وبما انك قلت ان امك اعترفت بذلك ونهرتك وهددتك، فالحل كما ارى كالاتي: انصحك اولا بالتمسك بقوة اعتمادك على الله، وان تجعلي نفسك ثابتة وتعزلي هذه المشكلة عن دراستك بل افعلي العكس، ادفني كل آلامك في الدرس والمذاكرة، وهذا ما اشدد ان تروضي نفسك عليه وسترين ان النتيجة ستكون ايجابية بشكل مدهش فيما يتعلق بالمدرسة ثم اعزمي ان تصلحي من حال والدتك، بأن تتقربي لها، وكما تعرفين ان الله نهانا ان نقول لهن اف مهما عملا، ولكن النصح ومتابعة النصح بالحب والتوجيه والروية واجب، عليك الا تستسلمين اذا كانت امك تعرف الله .. فان هذا سيؤثر عليها واحرصي على ان تتركي دائما امامها، وفي حقيبتها وفي رسائل هاتفية التذكير بالله ورحمته، وكرري ذلك تكرارا فهذا لا يمكن ان يغضبها فانت لم تثيري حفيظتها، ولم تتعدي في حوار معها، الخاطىء والذي يعرف انه خاطىء لا يتراجع عادة بالنقاش، خصوصا اذا كان النقاش حادا وفيه تهديد ووعيد بل يشحذ هو أسنانه ويتمادى في الدفاع عن غيه ويزيد ضلالا على ضلال. إنما التوجيه اللطيف ولكن المثابر بهذه الطرق سيفتح قلبها إن كان في قلبها ولو بصيصا صغيرا من الإيمان والمبادئ والتربية.. ولا نظن أنها خالية تماما من ذلك. ومن جهة أخرى حينما تجلسون معا مع أبيك والأسرة افتحي حديث التكافل الاسري واقرئي عما يدخره الله للزوجة المخلصة العفيفة، وللزوج المخلص العفيف (حتى لا تثيريها وكأن الحديث فقط لها، أو أنه اشارة لفضحها).. أرسلي رسالة لأمك فوق كل ذلك تحمل دائما هذا المعنى: يا أمي أريد أن أكون مثلك وان أتتبع خطواتك تماما فأنت قدوتي في هذه الحياة، فبأي طريق تسيرين تأكدي أني سأسير عليه من ورائك، وسأفعل ما تعملين، لأنك أمي وهذا يكفيني تبريرا لكل ما أفعله وما سوف أفعله).. وأنا متأكد يا فتاتي أن هذا سيهز قلب أمك هزا، وسيوصل لها رسالة عنيفة.. إلا ان لم تكن أما! أمك تلبسها شيطان ان كان ما قلته عنها صحيحا، والشيطان لا يمكث طويلا ضد العمل الصالح والتوجيه الصالح، ولكنه يتفاعل مع الغضب ويصور للخاطئ أن يكابر في خطيئته وهذا من أكبر الشرور. ان لم تف هذه الطريقة بالمقصود فلابد أن يتأكد أحد من كل القصة خصوصا من السائق بالمتابعة والاقرار، وهذا يجب أن توكليه لأحد من أسرتها العاقلين الحكماء الذين تثقين بعقلهم وحكمتهم وتهابهم هي أيضا ولكن من دون علم والدك، أو أي من طرف أسرته، فالكبار العاقلون متى تأكدوا سيعرفون ما سيفعلون.. على أنك لن تلجئي لذلك إلا بعد استنفاد حلولك التي قلتها لك، وإعطاء أمك اشارة مفهومة وبعيدة بأن الأمور قد تخرج من يدك. وشيء مهم آخر اطلبي من أبيك دائما أن يكون أكثر وقته في البيت وأن يتفقد أمك بين فترة وفترة بادعاء أنها تحتاج لذلك من باب الرعاية والحب.. هذا قد يكون مفتاحا آخر لباب وراءه الكثير.. وادعي الله على الدوام، وخذي دراستك على محمل الجد، حتى لا تضيفي مشكلة على مشكلة، وخطأ على أخطاء! @@ ناصح