قريبا ستمر ثلاث سنوات، على ثورة الحرية والكرامة، التي أشعلها الشعب العربي السوري في مواجهة الديكتاتورية، والطائفية، والفساد، والاستبداد. ورغم الكلف الغالية من الضحايا، والتدمير المنهجي الذي لم يستثن شبرا من الأراضي السورية، وأكثر من 150 قتيلا وأضعافهم من الجرحى، فقد عجز المجتمع الدولي بأسره، عن إيقاف نزيف الدم. وتكفل استخدام حق النقض، من قبل روسيا والصين، في الحيلولة دون صدور أي قرار أممي يتصدى بفعالية لآلة القتل، ولجرائم الإبادة التي يرتكبها النظام الغاشم بحق الشعب الشقيق. فالمواقف الإيجابية لجامعة الدول العربية، المدعومة بإرادة صلبة من المملكة، ومن الأشقاء في مجلس التعاون، والمناصرة لإرادة السوريين، لم تجد ما يقابلها في مجلس الأمن الدولي. مؤخرا، عقد مؤتمر جنيف 2، بهدف وضع حد للمجزرة، وجرائم الحرب والإبادة ضد الإنسانية. لكن النظام الذي تعود على التهرب من استحقاقات شعبه، ومن المحاسبة على جرائمه، اعتبر المؤتمر فسحة لشراء الوقت، وليواصل سياسته في الكذب والتضليل، بهدف حرف المؤتمر عن الأهداف التي عقد من أجل إنجازها. الحديث عن الإرهاب والمساعدات الإنسانية، هو كلام حق يراد به باطل، وهو قفز إلى النتائج، من دون تعامل مع المقدمات. والأساس المنطقي الذي يفترض في الأسرة الدولية أن تتمسك به، هو مناقشة الأزمة في جذورها. والأزمة هي نتاج الحرب الظالمة التي شنها النظام على الشعب الثائر. فجيش النظام هو الذي يمارس حصار المدن والأرياف، والإرهاب هو النتيجة الطبيعية لعنف القوى البوليسية، التي لا تتردد في التعرض للمدنيين، وقصف المدن بالطائرات والدبابات والمدفعية الثقيلة والبراميل المتفجرة. ثورة الحرية والكرامة اندلعت في سوريا، وواصلت مسيرتها، بقوة وثبات. ولن يقبل الشعب الباسل، أن يكون جنيف2، أو غيره من المؤتمرات مقبرة لها، ولسوف يواصل السوريون ثورتهم بذات العزيمة والقوة، حتى تتحقق أهدافهم العظيمة. يتطلع السوريون، ومعهم كل شعوب الأرض المناصرة للحرية، لأن يكون مؤتمر جنيف2، وما يليه من مؤتمرات، محطة لمناقشة الاستحقاقات السياسية، وهي بوضوح، إنهاء النظام الديكتاتوري الاستبدادي، وحكم الطائفية، ونقل السلطة إلى ممثلي الشعب السوري. وعندما يتحقق هذا الهدف الكبير، فإن إفرازات الهجمة الوحشية للنظام على الشعب الشقيق، سوف لن يكون لها موقع على الأرض السورية. فالنظام المستبد هو الذي يمارس الحصار، ويتسبب في الكوارث والمجاعات الإنسانية، وهو الذي حول كثيرا من المدن العريقة إلى أطلال وحجر على حجر. فهل سيتمكن جنيف من إسدال الستار على الحقبة المظلمة من تاريخ سوريا، أم ستظل هذه الثورة تحتفظ بعنوان - الثورة المغدورة؟! المالية وترشيد الإنفاق الإحصائية الصادرة عن وزارة المالية مؤخرا، كشفت عن ارتفاع متزايد في المصاريف الإدارية لجهات حكومية، من 34 مليار ريال في العام المالي 1427/1428ه، إلى 57,7 مليار ريال للعام المالي 1433/1434ه، وهو ما جعل وزارة المالية تستنفر وتبلغ أمرها إلى جميع الوزارات والمصالح الحكومية، مطالبة الجميع بترشيد الإنفاق، والحد من المشتريات القابلة للتأجيل، وعدم تجاوز الميزانية المعتمدة لكل بند أو مشروع أو برنامج. كما أكدت ضرورة تخفيض الالتزامات: كالمكافآت، ومصاريف السفر، من خلال تقليص عدد الانتدابات ومدتها، والاستعانة بموظفي الفروع؛ لتوفير النفقات، إضافة إلى تخفيض نطاق العمل وعدد العمالة، وعدم التوسع في مستلزمات الصيانة والنظافة وغيرها. وقارنت الإحصائية الصادرة بين مكافآت عام 1428ه التي بلغت 1,2 مليار، ومكافآت الأعوام التي تليه، حيث "قفزت" -على حد قولها- إلى 2 مليار عام 1434ه، فيما كشفت المقارنة بين مصاريف السفريات خلال السنوات الخمس ذاتها عن "قفزها" من 1,1مليار، إلى 1,5 مليار ريال. والعجيب في هذه المقارنات، أنها لم تتطرق أبدا للحديث عن ارتفاع عدد موظفي الدولة، في جميع قطاعاتها، خلال السنوات الخمس الماضية، ولا تزايد الحاجة إلى تنمية وتطوير الموارد البشرية، في ظل تسارع الحياة العصرية، والتقدم الذي يشهده العصر علميا وتقنيا واجتماعيا، ولا تنامي مؤهلات موظفي الدولة من حملة الماجستير والدكتوراة وذوي الخبرة، وحاجتهم إلى المزيد من التطوير والتدريب الذي يتناسب مع مؤهلاتهم؛ لنسير مع ركب الدول المجاورة، والتي جعلت تنمية مواردها البشرية أهم أولوياتها. ألا يكفي ذلك برأيكم؛ لتتراجع وزارة المالية عن عقد هذه المقارنات، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، في ظل حاجة الكثير من الإدارات الحكومية لمكاتب عمل تفي بأعداد موظفيها؛ ليتمكنوا من مزاولة مهام عملهم، وفي ظل احتكار فئة معينة من كبار الموظفين للانتدابات والسفريات التي قد تكون تشريفا لا تكليفا، لمجرد أن يصطحب عائلته للاستجمام، بينما تضيع الفرصة عن آخرين هم أكثر انتفاعا بها، أو لعلها سعت إلى زيادة المخصصات لكل بند حسب الاحتياج، بدل من المطالبة بالتقليص والتوفير، في عام خير ننعم فيه بميزانية قدرت ب855 مليار ريال. والسؤال الأهم: أليس من حق هيئة مكافحة الفساد أن تطالب كل دائرة حكومية بكشف كامل عن الانتدابات والسفريات؛ لحصر المستفيدين منها في كل وزارة أو هيئة، لعلهم يجيبون عن السؤال الذي يدور في ذهن كل موظف حكومي أو موظفة حكومية، مفاده: لماذا فلان دائما وليس أنا؟؟