تتسارع الخطى وتتزايد حمى الاستعدادات لانتخابات المجالس البلدية، اذ اصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية لائحة الانتخابات وتشكلت اللجنة العامة للانتخابات المكلفة بوضع الخط والاجراءات التنفيذية واعداد البرامج والنماذج الانتخابية والادلة الارشادية استعدادا لتشكيل اللجان الانتخابية المحلية، كما ازداد التعاطي مع الموضوع لدى الصحف المحلية والمنتديات الالكترونية.. مما يشير الى تولد ثقافة انتخابية بدأت تتشكل في مجتمعنا السعودي. الا ان هذا التسارع يفرض علينا ان نطرح بعض الاسئلة لاسيما ان الوقت المتبقي حتى اجراء الانتخابات قصير جدا.. اول هذه الاسئلة ما اهمية هذه المجالس البلدية وما الدور الذي يجب ان تضطلع به؟ ثانيها: ما المهام والاختصاصات المنوطة بها؟ ثالثها: اذا تعرفنا على ذلك الدور وتلك المهام، فما المواصفات والشروط التي يجب ان تتوافر لدى المرشحين لهذه المجالس؟ رابعا: كيف نفعل دور المجلس البلدي بعد تشكيله كافراد ومجتمعات بما يعود بالفائدة المرجوة منه؟ تتقاسم مسئولية بناء وتطوير المدن الجهات الرسمية، كالامانات والبلديات واجهزة الدولة الاخرى من جهة، وفعاليات المجتمع من جهة اخرى.. فالجهات الرسمية تقوم برسم الخطوط الرئيسية للنمو الحضري والعمراني وتضع له الضوابط والمحددات، كما تسن الانظمة واللوائح لتقنين البناء، وتخطط وتنشئ البنية الاساسية للمدن، ويقوم افراد المجتمع المهتمين بالاعمار في الارض باستكمال الصورة وبناء الهياكل والمنشآت واظهار الطابع العمراني فيما ينشئونه من مبان تجسد الهوية المعمارية للمدينة وفقا للمتطلبات واللوائح البلدية. وحيث ان هذه اللوائح والمتطلبات اتت من رؤية احادية وتجاهلت مشاركة المواطن نرى ان الصورة النهائية للمدينة عبر مفردات البناء تظهر الفردية دون وحدة في الفكر المعماري وتبرز خليطا مما تطلبه اللوائح مع الرغبات الشخصية الوقتية للمجتمع اي غير متوافقة مع ما يرمي اليه المخططون من تجانس ووحدة وغير منسجمة مع بعض المتطلبات الاجتماعية والثقافية، وكثيرا ما تظهر التجاوزات والمخالفات تبعا لتناقض الرغبات وتنوع المطامع والاهواء وجموح المصلحة الفردية على المصلحة العامة الامر الذي يستدعي من وقت لآخر تدخل الجهات التخطيطية لتعديل اللوائح او الانظمة لتتماشى مع الواقع الفعلي ضاربة بعرض الحائط كل الاسس العلمية.. وسبب كل هذا هو عدم وجود مشاركة فعالة من المجتمع وافراده في حلقة القرار.ان وجود هذه المعادلة المتضادة بين اللوائح والقوانين وبين الرغبات والمصالح الشخصية هو الامر الذي يستدعي وجود الهيئة التنظيمية كالمجلس البلدي المنتخب من افراد المجتمع، والذي يجب ان يقنن هذه العلاقة ويضعها في اطارها الصحيح، ويفعل الرقابة على المال العام ويمنع استغلال وتسلط ذوي النفوذ على المصلحة العامة. اذ ان مسئولية بناء وتطوير المدن هي مسؤولية مشتركة يسهم فيها المواطنون يدا بيد مع البلدية، واذا كان للبلدية ان تعتمد على خبرائها ومستشاريها.. فان افراد المجتمع يعتمدون على ثقافتهم العامة التي غالبا ما تتشكل في البيئة التي يعيشون فيها مع ما يتلقونه من معلومات عامة من خلال وسائل الاعلام المختلفة. * مهندس في بلدية القطيف