لا يختلف اثنان ولا يتناطح كبشان ازاء المفهوم العصري للحضارة والتقدم التي بات مقياسها مرتبطا بمستويات اداء رياضيي البلد المقصود. ومن ينظر لحصاد الذهب في اولمبياد اثينا الذي طوينا صفحته مؤخرا سيدرك بنظرة سريعة الانطلاقة الجامحة للرياضة الصينية حيث زاحم رياضيو الصين منافسيهم الأمريكان . وضيقوا عليهم الخناق فحرموهم من تكرار غلة الذهب التي اعتادوها في جميع الدورات الاولمبية خاصة بعد تفكك اوصال الاتحاد السوفييتي وغيابه عن ساحة المنافسة مع رياضيي العم سام. فارق ضئيل لا يقاس هو الذي فصل أمريكا عن الصين في حصاد الميداليات الذهبية وهذا يؤكد حالة القلق الخفي والمعلن الذي عبرت عنه السياسة الامريكية في اروقة البنتاغون في اكثر من مناسبة حين حذرت من المد الصيني الاقتصادي الذي انطلق منذ سنوات كقطار نفاث اجتاح كل العقبات بقاعدة من البشر تكفي لخلق جسور معبدة من الاجساد لتمهد الطريق امام هذا القطار كي يصل الى محطاته المتتالية دون ان يعبأ بأحد. ولان العارفين ببواطن الامور يدركون ان كل قرش يصرف على الرياضة سيأتي بالمردود الايجابي المطلوب لتلميع الوجه الحضاري كون الرياضة هي المرآة لهذا التطور.. فقد رصدت الصين مليارات الدولارات الرمبينية "عملة الصين الرسمية" ونجحت في القفز الى ساحة المنافسة امام أمريكا التي بدأت تدرك انها ليست الوحيدة على الساحة العالمية. وذلك من خلال رسالة واضحة الحروف والمعالم جعلت اجهزة البحث والتقصي الأمريكية تعمل بكامل طاقتها لايجاد حل لهذه المعضلة قبل ان تقع الفاس في الرأس وتجد أمريكا نفسها تلهث خلف الصين بدءا بالرياضة وانتهاء بالاقتصاد سواء كان حرا ام موجها. وتشير كل الدلائل الى ان اولمبياد بكين عام 2008 سيكون هو الفيصل مما دفع جميع القائمين على امر الرياضة الصينية بدء العمل من الآن لاعداد جيوش مجيشة من مبدعي العاب القوى التي افلتت مسابقاتها من براثن التنين الصيني وكانت وسيلة التفوق الوحيدة التي منحت رياضيي أمريكا متنفس التفوق في حصاد الذهب في اولمبياد اثينا. *مستشار الاتحاد العربي للصحافة الرياضية