كعادتهم كل صيف اجتاح الخليجيون لبنان من بيروت حتى عاليه وبحمدون وبرمانا، بل ووصل زحف سياراتهم الفارهة حتى زحلة! وكعادتهم أيضاً رحب اللبنانيون بهذا الزحف السياحي. ففي كل مكان تجد ابتسامة لبنانية كبيرة تستقبل العائلات الخليجية.. فهو موسم تنتعش فيه السياحة والشوبنك والمطاعم والكافيتريات والمواصلات والشيشات! شارع الحمرا تمت صيانته وتجديد شبابه، ورصفه بالطوب بدلاً من الأسفلت، وطوابير السيارات الخليجية تختلط بالأرقام اللبنانية والسورية. فالأرقام السعودية والكويتية هي الأكثرية، تأتي بعدها السيارات الإماراتية والقطرية والبحرينية والعمانية. كافيتريا (ملك البطاطا) بالحمرا تزدحم بزبائنها الخليجيين أيضاً، ثلاثة أنواع من الشاورما ترتفع أسياخها في المقدمة، ثم (صينية) الفلافل فالمعجنات.. وكذلك مطعم كبابجي، وستارباكس وهو الأكثر "شياكة" بينها، ولكن المطعم التاريخي الوحيد الذي اختفى من (الحمرا) هو (مودكا) الذي استقبل على مدى الثلاثين سنة الماضية كبار المثقفين والشعراء والسياسيين مثل محمود درويش والراحل نزار قباني وغادة السمان والشاعر أدونيس، الذي لمحته يتجوّل في بهو فندق الفينسيا باحثاً عن طاولة بعد أن احتجز السياح الخليجيون معظم الطاولات هناك! أما منطقة "السوليدير" ذات المعمار التاريخي الجميل، فقد اكتظت هي الأخرى بالسياح من مختلف الدول العربية، وليس الخليجيين وحدهم، حيث يفترش الزوار مقاعد وطاولات المطاعم والكافيتريات بالآلاف وليس بالمئات - وهذه ليست مبالغة - منذ العاشرة ليلاً حتى الفجر، وكل مطعم لديه فرقته الموسيقية الخاصة، وإن كان معظمها يؤدي الأغاني اللبنانية الطربية. و"السوليدير" من المعالم التي تسجل لصالح حكومة الحريري. فقد ضخ فيها أموالاً كثيرة لإعادة ترميمها بنفس المعمار السابق، فجاءت تحفة في غاية الجمال.. واكتظاظها يوميا بالسياح يؤكد أن المشروع كان ناجحاً من الناحية السياحية أيضاً. ولأن بحمدون وعاليه وبرمانا تقع في الجبل، حيث الطقس أكثر برودة من بيروت، فإن السياح الخليجيين يحتلونها بالكامل في الصيف (وبعضهم يملك هناك شققاً وبيوتاً) حتى يقال: إن كل سكان هذه المناطق من اللبنانيين يغادرون بيوتهم إلى مناطق أخرى بقصد تأجير بيوتهم وشققهم للسياح بالصيف.. وفي الجبل تجد السيارات الخليجية أكثر مما تجدها في المناطق الأخرى. طبعاً هناك الروشة والكورنيش، الذي يزدحم بمحبي ممارسة رياضة المشي والجري من اللبنانيين. أما العائلات الخليجية فلديها هواية أخرى على الكورنيش، وهي أكل الحمص واللب والذرة!