فيما كان اللبنانيون يستعدون لملاقاة الصيف، ألقت التوترات الأمنية المتنقلة، وتداعيات إغلاق طريق المطار من حين إلى آخر، والظروف المحيطة بظلالها على الموسم السياحي الذي صار مرهوناً بعوامل كثيرة أهمها السياسة والأمن. وعلى خلفية تحذير وزارة الخارجية السعودية رعايا المملكة من السفر إلى لبنان نظراً إلى "عدم استقرار الأوضاع" في هذا البلد، أبدى لبنانيون قلقهم من هذا القرار، وانعكاساته على الوضع السياحي والاقتصادي، فيما اعتبر السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري أن "قرار تحذير المواطنين السعوديين من السفر إلى لبنان الذي اتخذته السلطات السعودية ليس قراراً سياسياً، ولا يصل إلى حد المنع من السفر، كما لا يهدف إلى الإضرار بلبنان وبالموسم السياحي" مشيرا إلى أن "سلامة المواطنين السعوديين هي من أولويات القيادة السعودية". هذا الوضع جعل نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر يبدي قلقاً، ويقول إن "هذا القرار سيزيد من حجم الخسائر في القطاع السياحي، وعلى ما يبدو فإن صيفنا سيكون حاراً جداً، وستظهر توابعه جلية على الاقتصاد اللبناني، وبعد قرارات حظر السفر إلى لبنان من قبل الدول الخليجية الأربع الإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت، تراجعت نسبة حجوزات السعوديين، وتزامنا مع تحذيرات هذه الدول من السفر إلى لبنان فمن المؤكد أنهم لن يأتوا، وهناك نسبة كبيرة من الحجوزات ألغيت، وبالتالي من الطبيعي أن يشهد لبنان تراجعاً للإشغال الفندقي لاسيما خارج بيروت حيث الوضع سييء جداً". وحسب إحصاءات وزارة السياحة في لبنان فإن عدد المواطنين السعوديين المقبلين إلى لبنان في يناير من هذا العام بلغ 11684 سعودياً، فيما تراجع العدد إلى 7129 في مايو الماضي. وإذا كنا في بيروت نلتقي بعدد قليل جداً من السياح العرب، فإن وجودهم نادر لا بل معدوم في بلدات "عالية، وبعلشمية، ومحطة بحمدون وصولاً إلى المتن الأعلى، ولاسيما حمانا، وفالوغا، وقرنايل، وكفرسلوان" التي تعتبر بلدات الجذب الأولى للخليجيين. هناك، كان أصحاب المقاهي التي كانت تنتظر روادها الخليجيين، خصوصا السعوديين منهم، وكذلك أصحاب الشقق وغرف الفنادق التي تضفي على القرى والبلدات صخباً وحياة، يعلنون عن مخاوف القطاعات السياحية في المنطقة من أن يكون الحضور الخليجي متواضعاً جداً. القلق نفسه أبداه وجدي مراد رئيس بلدية عالية التي كانت تعج عادة بالسعوديين أصحاب البيوت والفيلات والقصور العديدة فيها، مشيرا إلى أن هذا الواقع أفاد المغرب، وتركيا، وتايلند، وماليزيا التي صارت بديلاً عن لبنان. ويتوقع مراد أن لا يتعدى عدد السعوديين المقبلين 5% من نسبة الأعداد السابقة، وقال إن السياحة من دون أمن واستقرار، وبنى تحتية جيدة، وبيئة طبيعية نظيفة لا يمكن أن تستقيم. وأشار إلى أن السعوديين يشكلون العدد الأكبر من المالكين العرب والخليجيين في عالية وجوارها، وهم من الشيوخ، والأمراء، والتجار، والمواطنين العاديين، مؤكدا أن السعودية بلد مهم جداً، ولها أفضال على الشعوب كافة، وخصوصاً اللبنانيين العاملين فيها. في "عالية" التقينا بالمواطن السعودي أحمد القويز الذي قال إنه يعتبر نفسه ابن المنطقة لأنه يقصدها كل صيف منذ 20 عاما، وله فيها فيلا وشقة سكنية. ويضيف أن "من العوامل التي تجعل الخليجيين بشكل عام والسعوديين بشكل خاص يحجمون عن القدوم إلى لبنان هذا الصيف هو العامل الأمني، خصوصاً في ظل الأحداث في سورية والتي تجعل الوصول الى المطار صعباً، ففي حال حدث أمر أمني يغلق مطار بيروت. أضف إلى ذلك الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، وتعثر بعض الخدمات الحياتية الأخرى"، مشيرا إلى أن أملاك السعوديين موزعة في معظم المناطق اللبنانية، لا سيما كسروان، وبرمانا، وبيت مري. وقالت أمال حسان صاحبة أحد المطاعم في عاليه: إن بداية الموسم الذي يبدأ عادة في بداية شهر يوليو خفيفة جداً، وتمنت أن تتحرك الأوضاع السياحية، مشيرة إلى أن الخليجيين عموماً والسعوديين خصوصاً هم الذين يحركون الأوضاع في بلدات الاصطياف في لبنان. وتضيف "اتكالنا في هذا الصيف سيكون على المغتربين اللبنانيين الذين قدموا بأعداد هائلة إلى لبنان، ونتمنى أن يأتي الإخوة الخليجيون، ونحن سنحميهم برموش عيوننا". في عاليه أيضاً التقينا بالمواطن السعودي فوزي سليماني الذي قال "أنا موجود مع عائلتي في عاليه التي لنا فيها شقة سكنية منذ عام 1991، والمملكة لم تمنعنا من القدوم إلى لبنان، ولكنها طالبت بأخذ الحيطة والحذر من الوضع غير المستقر، وفي البلد حالياً كثير من السعوديين، ونرى بأنفسنا أن لا شيء خطير علينا"، مؤكدا أن السعودي الذي يعرف لبنان ويتردد عليه باستمرار يعرف أن لا خطر عليه.