بينما جلس افيشاي ناتيف أمام بيته الذي يقع في مستوطنة رافيح يام التي تقع بجوار شاطئ البحر تباطأ سائق حافلة مدرعة تابعة للمجلس البلدي ليوجه السباب إليه. وناتيف أغضب جيرانه المتشددين عندما خرج عن موقفهم وسعى إلى الاستفادة من عرض الحكومة الإسرائيلية دفع مبالغ مالية لمن يغادر طواعية المستوطنات المقامة في قطاع غزة بموجب خطة رئيس الوزراء ارييل شارون. وقال ناتيف الذي أمضى 14 عاما في التكتل الاستيطاني جوش قطيف بجنوب غزة: اذا كان شارون قد حسم امره فان كل ما اريده هو تعويض مناسب وانا مستعد للمغادرة. واضاف: يمكنهم اعطاء هذا المنزل للفلسطينيين .. لا يهمني ذلك في شيء. وبينما تظهر استطلاعات الرأي ان معظم مستوطني غزة يعارضون بشدة مغادرة المستوطنات فان زعماء المستوطنات يشعرون بالقلق فيما يبدو بشأن ظهور انشقاق في موقفهم بعد نحو أربع سنوات من القتال الاسرائيلي الفلسطيني الذي يتركز معظمه في قطاع غزة. وتوجد خلافات متزايدة بين المستوطنين العلمانيين مثل ناتيف الذين اجتذبهم الى قطاع غزة المحتل الاسكان المدعوم وبين المستوطنين الذين يرون في هذه المستوطنات نمط حياة مثالي لهم ويطالبون بأراضي التوراة التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها - على حد زعمهم - . وعندما انتقل ناتيف من مدينة عسقلان الاسرائيلية بحثا عن عمل لم يتوقع أبدا ان يضطر الى حمل السلاح في كل مكان يذهب اليه ورغم ذلك مازال يشعر بعدم الامان. والان يقول هو وعدد صغير من المستوطنين انهم تعبوا من وضع أنفسهم واسرهم في خطر. ويأمل مسؤولو الحكومة في انه بمجرد ان يغادر اليهود العلمانيون بين ثمانية آلاف مستوطن في غزة الفيلات المسقوفة باللون الاحمر التي تحصل على قسط وافر من المياه مقابل الحصول على تعويضات تبلغ في المتوسط 300 الف دولار ان يحذو بقية المستوطنين حذوهم.ومن المقرر اخلاء 21 مستوطنة تتمتع بحراسة شديدة في غزة بحلول نهاية عام 2005 وفقا لخطة شارون لفك الارتباط التي يقول مؤيدوها انها ستزيد امن اسرائيل لكن المعارضين يصفونها بأنها مكافأة للإرهاب الفلسطيني - على حد إدعائهم - . وتظهر استطلاعات الرأي ان الاسرائيليين مستعدون للتخلي عن مستوطنات غزة التي يصعب الدفاع عنها. وازداد التوتر في الاسبوع الماضي عندما ردد حشد كلمة خونة لتعطيل اجتماع في منزل ناتيف بين اعضاء حملة مؤيدة لاخلاء مستوطنات غزة وعدد من اسر المستوطنين. وتفجرت مشاحنات وتم استدعاء الشرطة. وقال ناتيف انهم يروننا نحن الذين نريد مغادرة المستوطنات على اننا تهديد لهم ولذلك يحاولون تخويفنا لاجبارنا على الصمت. وزوجته تخشى ان تتكلم حتى لا تفقد وظيفتها في الادارة المحلية للمستوطنة. وقال ايران ستيرنبرج المتحدث باسم التجمع الاستيطاني جوش قطيف ان ناتيف يريد مغادرة المستوطنة للخروج من الديون الثقيلة المتراكمة عليه ونفى ان هناك تهديدات ضد الاقلية الضئيلة التي تمارس حقها في المغادرة . ورغم ذلك وصفت منشورات ظهرت في جوش قطيف هذا الاسبوع ناتيف ومستوطنين آخرين مستعدين لمغادرة المستوطنة بأنهم الامراض العضال التي تصيب أرض اسرائيل وحثت المنشورات المستوطنين على تجنبهم. وقالت صحيفة معاريف ان لجانا من خبراء تقدير اسعار العقارات بدأت القيام بجولات سرية في جيوب غزة لتجنب اثارة غضب المستوطنين. ويرفض ناتيف وضع ثمن لأصوله قائلا انه سيطالب الحكومة بأن تأخذ في الاعتبار انه سيضطر الى الرحيل مع زوجته واولاده الثلاثة ليبدأ حياته من الصفر. وهو لن يتخلى فقط عن منزله المؤلف من طابقين وانما عن عمله أيضا ومطعم البيتزا الذي يبعد بضعة أمتار فقط عن الاسلاك الشائكة التي تفصل بين مستوطنة رافيح يام ومخيم رفح للاجئين وهو نقطة مشتعلة رئيسية في القتال.