عزيزي رئيس التحرير اكتشفت ظاهرة النشاط الاشعاعي عام 1896 عن طريق عالم فرنسي كان مهتما بالاشعة السينية التي كانت مكتشفة في حينه حديثا ويدعى هنري بيكوريل. وضع بيكوريال لوحا فوتوغرافيا مع معدن اليورانيوم في خزانة مظلمة وترك الفلم الفوتوغرافي مدة اربعة ايام, وبعد ان قام بتظهير الفلم لاحظ تكون صورة على الفلم الفوتوغرافي استنتج من ذلك ان معدن اليورانيوم قام بإطلاق اشعة غير مرئية اثرت على اللوح الفوتوغرافي. سميت ظاهرة اطلاق بعض العناصر للأشعة بظاهرة النشاط الاشعاعي.. تعرف اليوم ظاهرة النشاط الاشعاعي على انها ظاهرة الانبعاث التلقائي للدقائق او الطاقة من انوية الذرات. وقاد اكتشاف بيكوريل الى بدايات النظرية الذرية الحديثة, والى اكتشاف عناصر جديدة. درس العالم ارنست رذرفورد طبيعة النشاط الاشعاعي للعناصر فتبين ان العناصر المشعة تعطي ثلاثة انواع من الاشعة والدقائق والتي تعرف حاليا بأول ثلاثة حروف من الأبجدية الاغريقية وهي الفا, بيتا, غاما. اليوم تعرف دقائق الفا بأنها نواة ذرة الهيليوم والمكونة من بروتونين ونيوترونين, وتعرف دقائق بيتا على انها الكترونات ذات طاقة عالية, وتعرف اشعة غاما بأنها اشعة كهرومغناطيسية. وبمقارنة الشحنة نلاحظ ان دقائق الفا موجبة الشحنة بينما دقائق بيتا سالبة الشحنة, بينما اشعة جاما شحنتها تساوي الصفر. عند وضع مادة مشعة في مجال كهربائي, تنحرف دقائق الفا ناحية القطب السالب للمجال دلالة على كونها موجبة الشحنة, وتنحرف دقائق بيتا ناحية القطب الموجب دلالة على كونها سالبة الشحنة, بينما لا تعاني اشعة غاما من اي انحراف لأنها امواج كهرومغناطيسية فهي تسلك سلوك الضوء. قامت مدام ماري كوري على ضوء اكتشاف ظاهرة النشاط الاشعاعي بالبحث عن مزيد من العناصر المشعة. وعلى ضوء ذلك اكتشفت عنصرين جديدين هما البلوتونيوم والراديوم, ومنذ ذلك الوقت تم اكتشاف عدد اكبر منها, وفي الحقيقة فان كل نظائر العناصر التي يزيد عددها الذري على 83 هي نظائر مشعة. وان عملية الاشعاع النووي خاصة اشعاعي الفا وبيتا ويرافقهما تحول لنوع العنصر وان جميع العناصر المشعة تقع بين العددين الذريين 83 و92 وتنحل هذه العناصر تلقائيا وبدون اية مثيرات خارجية, وذلك نتيجة لنقص الاستقرار الداخلي للنواة. وعادة ما يكون انحلال هذه الانوية, بجسيمات الفا او بيتا, الى نواة اخرى غير مستقرة, ويكون الناتج هو سلسلة من الأنوية المشعة والتي تنتهي بنواة مستقرة, وقد جمعت هذه العناصر في ثلاث سلاسل وهذه السلاسل تشمل انبعاث الفا وبيتا, وتلك السلاسل هي سلسلة الثور يوم 232 وسلسلة اليورانيم - 238 وسلسلة اخرى لليوارنيم - 235, ويوجد على رأس كل سلسلة نظير طويل العمر في حين تنتهي كل منها بنظير مستقر للرصاص, فسلسلة اليورانيم - 238 على سبيل المثال, الناتج النهائي للانحلال هو ذرة الرصاص المستقر. ونجد في بعض المواد المشعة انها تقوم بانحلالات متلاحقة فمثلا اذا كان لدينا نظير معين فانه يتحول الى نظير آخر ثم يتحلل الأخير الى اخر.. وهكذا حتى تتوقف السلسلة عند عنصر مستقر. فإذا اخذنا نظير الراديوم - 226 - نجد انه يتحلل الى الرادون - 224 الذي يتحلل بدوره الى البولونيوم - 218 الذي يتحلل الى الاستاتين - 218 وهكذا تستمر السلسلة حتى تتوقف عند عنصر الرصاص المستقر (206). اما من حيث تطبيقات النظائر المشعة, فقد اتسع نطاق استعمال النظائر المشعة في العديد من مجالات الحياة الطبية والزراعية والصناعية, ويمكن ايجاز بعض هذه الاستعمالات: فقد استخدمت النظائر في علاج السرطان حيث تخترق اشعة جاما الأنسجة وتقتل الخلايا الحية, ولذلك يسلط على الاورام السرطانية شعاع عالي التركيز من مصدر للكوبالت - 60 والذي يعمل على قتل الخلايا السرطانية في الورم, وقد استخدم نظير الفسفور المشع في علاج سرطان الدم, وذلك بإعطاء المريض جرعات خاصة تحتوي على نظير الفسفور المشع, حيث يحد من انتاج كرات الدم الحمراء. اما من حيث المجال الزراعي فقد تمكن العلماء الايطاليون من انضاج القمح في مدة لا تتجاوز 64 يوما, بينما هو في الحالة الطبعيية ينضج في 7 اشهر, وقد استخدم اشعاع الكوبالت في تغيير لون البلاستيدات الملونة, وذلك بتعريض النبات لفترات مختلفة للاشعاع, مما يتيح وجود ازهار بألوان مختلفة على النبات نفسه, وقد استخدم اشعاع الكوبالت المسلط على طعام الماشية لزيادة السمنة فيها وزيادة ادرارها اللبن. حسن سعيد الخاطر