في عام 1949توجهت مجموعة من بائعي الكتب القديمة إلى مصطفى باشا النحاس رئيس وزراء مصر يشكون له من مطاردة البلدية والجيش الانجليزي لهم. وجدت الشكوى صداها فاستخرج لهم فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية وقتها 13 تصريحا. كان هؤلاء الباعة ( باعة الكتب) يتجولون بها على المقاهي وفي نهاية اليوم يستريحون بجوار السور الحديدي لحديقة الازبكية شيئا فشيئا استقر هؤلاء الباعة بجوار السور واطلق عليه سور الازبكية لبيع الكتب بعد تنظيم الباعة واستخرجت لهم تصاريح او تراخيص (إشغال طريق) كان ذلك عام 1957. عرف بائعو الكتب الاستقرار في هذا المكان وان كان بعضهم وهم قلة، قد اتخذوا من بعض الاماكن بالقاهرة القديمة مكانا لهم. استمر هذا الاستقرار للغالبية منهم 25 عاما .. ثم تدخل (البلدوزر) وأطاح بهذا الاستقرار وعاد البائعون مرة اخرى للبحث عن مكان.. !! ومنذ سنوات قليلة افتتح محافظ القاهرة الدكتور عبد الرحيم شحاته سور الازبكية الجديد بعد تكوير ميدان الاوبرا والمناطق المحيطة به ووسط باعة الكتب القديمة التقطت الصور ايذانا بافتتاح المكان الجديد القديم.. انتقلنا إلى هؤلاء الباعة ليحدثونا عن ذكرياتهم مع المثقفين ومشتري الكتب ونوعياتها واسعارها زمان وحاليا. المكان الجديد أفضل يقول عادل عنتر .. هذا المكان - القديم الجديد - افضل بكثير من المكان الاول ايام كنا بجوار مستشفى الحسين بالدراسة تكون فيها حركة البيع اكثر نشاطا وفي ايام رمضان يكون الاقبال كثيرا على شراء الكتب الدينية. نواقص اما الحاج ناصر السيد من اشهر بائعي الكتب بسور الازبكية فيقول هذا المكان أفضل ولكن ينقصه فتح ابواب وممرات من الشوارع الجانبية التي يطل عليها السوق .. لان السور اصبح مغلقاً، ولا يوجد سوى مدخل واحد من ناحية محطة مترو انفاق العتبة، مشيراً إلى أن الافضل هو فتح مداخل اخرى من ناحية شارع الجنينة وغير ذلك. تحركات كثيرة أثرت على الزبون أما زميله ناصر طه فيناقضه قائلاً .. لقد هجرنا الزبون لكثرة تحركاتنا مرة بالازهر واخرى بالدراسة ثم عدنا إلى سور الازبكية في اماكن مقننة وتم توصيل كافة المرافق لها بعد تطوير المنطقة واصبحنا في قلب القاهرة، مؤكداً ان هذه التنقلات لها دور كبير في تشتيت الشمل وجعل الزبون لا يعرف أين مكاننا. مساندة إعلامية ويضيف محمد زوام وسامح هلال نحن نحتاج إلى مساندة اعلامية لكي يعرف الناس ان هناك سوقا للكتب القديمة بسور الازبكية فحركة البيع بطيئة جدا جدا .. ونحن حاليا نمر بحالة موت بطيء لان القارىء هجرنا واصبح ينشغل بوسائل اعلامية اخرى كما انه لا يجد وقتا لقراءة كتاب كما كان زمان نظرا للحالة الاقتصادية .. كما ان مهرجان القراءة للجميع والذي ترعاه السيدة سوزان مبارك يجد اقبالا كبيرا من الشباب وصغار السن والجمهور بصفة عامة نظرا لان الكتب المعروضة بالمهرجات جديدة وقيمة وفي نفس الوقت رخيصة الثمن بالاضافة إلى دخول كتب الكمبيوتر (مع تطور الزمن) إلى سوق الكتب بالازبكية .. كل هذا اثر علينا واصبحنا لا نبيع شيئا. رواد كبار اما محمد عبد الفتاح صادق اشهر بائعي الكتب القديمة بسور الازبكية - فيقول .. نحن هنا ابا عن جدا فعائلتي الممتدة من زمان بدأت ببيع الكتب القديمة وكان اسمهم يوم ذلك (الوراقين) من درب الجماميز إلى الازهر والازبكية وغيرها) وكان عدد الوراقين قليلون جدا ويعدون على الاصابع وكانوا يتجولون على مقهى (ريش) وغيره على الارصفة والشوارع وكان اغلى كتاب وقتها يباع ب قرش صاغ وكان من رواد شراء الكتب القديمة منذ حوالي 60 عاما شخصيات شهيرة منهم انور السادات والعقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم وموسى صبري وغيرهم. ويضيف محمد عبد الفتاح صادق .. مع التطور الزمني والتكنولوجي مازال لنا دور ثقافي وحيوي في الحياة الادبية والعامة خاصة ان حرب اكتوبر كان لها دور تاريخي في ازدهار الثقافة المصرية والعربية بصفة عامة وهناك اهتمام كبير بباعة الكتب وتم تقنين اوضاعهم باكشاك مرخصة (130 كشكا) وتعليمات بعدم تغيير النشاط نظير رسوم زهيدة يدفعها البائع للمحافظة كل عام. يختم محمد صادق حديثه قائلا .. لدي امهات من كتب التراث وكذلك كتب من بداية القرن الى الآن واحفظها بطريقة جيدة داخل ورق سوليفان .. وهذه الكتب تمثل عين التاريخ وتعتبر تراثا ثقافيا ولدي وثائق هامة تحكي زواج الملك فاروق الاول عام 1938 والثاني عام 1951 من فريدة وناريمان وتنازله عن العرش بقصر رأس التين بالاسكندرية وكذلك كتب عن حروب 1948، 1949 والجامعة العربية وتطورها وارشيف عن نشأة الدولة من 100 سنة واعظم كتاب يصل حاليا سعره إلى حوالي 300 جنيه مؤكداً إن هذا ليس بكتاب وإنما بمجموعة مراجع أو أمهات كتب.. الطباعة المصرية تطورت كثيراً ويقول الحاج هاشم محفوظ .. شيخ رواد سوق الازبكية للكتب القديمة انا هنا من عام 1963 ابيع الكتب القديمة والمجلات والقصص والكتب الادبية وكان زمان احسن كتاب ب 5 قروش وكان عن سلسلة اعلام العرب وكانت اشهر الكتب التي لها رواج كتب احسان عبد القدوس ويوسف السباعي وكان يطبع كتبه داخل اكياس مغلفة وايضا محمد عبد الحليم عبد الله، وكان الزبون دائما يفضل شراء الكتاب (طبعة بيروت) حيث كانت الطباعة المصرية في حالة سيئة جدا، اما الآن فقد تقدمت كثيراً وأوجدت لها مكانا ثابتا من حيث الاخراج والتغليف.