لا يظهر لي أننا في شرقنا العربي دخلنا العصر الناعم للحوار.. فكل أدبياتنا في معرض الكتاب الأخير ، إلا الذين تحرروا ، وقليل ماهم . رأيتهم يميلون إلى طرح يدعو إلى البحث عن العصا , قصدي بين كاتب وآخر ، وقارئ وآخر ، ومتصفح وآخر ، وزائر وآخر . أعتقد أن " سور الأزبكية" أصبح مفضلًا على معارض كتب أخرى، " ومكتبة مدبولي" في القاهرة ظلت وفية عبر الزمن . وربما أفضلهما شخصيا على معارض تُشرف عليها وزارات إعلام أو منظمات ذات هالة كبيرة.. هذه المقولة التي يتداولها البائعون هناك تؤكد أن أهمية سور الأزبكية لا تنبع فقط من أنه مكانٌ لبيع الكتب القديمة، ولكن لأنه شكّل ولسنواتٍ طويلةٍ منزلةً خاصَّةً لدى المثقف المصري والعربي وكانت كتبه المصدرَ الأوّلَ لمعظم الكُتّاب والمفكرين فهو بمثابة المعرض الدائم للكتاب في قلب القاهرة. لا يوجد نشاط هامشي في سور الأزبكية ، وليس ثمة مجال "لإفساد الود " وحضور الأمن والطوارئ . لم يأت عام 2011 بمعجزة لتحريك المياه الساكنة منذ مدة ليست بالقصيرة في الساحة الثقافية العربية، وكل عام نرى الهوة تتسع ، أو نجد هوة جديدة بين "منتجي" و "رعاة" الثقافة من جهة، و"مستهلكيها" من جهة أخرى. وعلى مستوى "الرعاية" و"الإنتاج" نستطيع بلا شك الحديث عن تطورات إيجابية، لعل أبرزها توجه ملحوظ في العديد من مؤسسات الدول الخليجية الثرية لاحتضان مشاريع ثقافية متعددة الملامح. ومسألة معاداة المطبوع مسألة قديمة ومباحث ترسخ لهذه الظاهرة . وقرأنا كتاباً جديداً صدر ضمن «منشورات الجمل» في ألمانيا للباحث الزميل ناصر الحز يمي يذكّر بتجربة منسية في التاريخ العربي تتمثل في إحراق الكتب والتخلص منها بالدفن أو القذف في البحر. يحمل الكتاب عنوان «حرق الكتب في التراث العربي . وجمع المؤلف في كتابه بعض حوادث وأخبار إتلاف الكتب في التراث العربي . أُنهي أن زمن النشر الإلكتروني سيكون له دور في الإقلال من " حلقات الملاكمة "!