في خضم الإجازة الصيفية، تعود الحركة داخل الشارع الأحسائي، وتخفت النشاطات المتاحة للأفراد شيئا فشيئا، حتى تصل إلى حد التوقف تماما، مع زيادة التوغل في نهاية الإجازة الصيفية. وفي ظل هذا الركود الخانق، يواجه الكثير من الأسر التي عادت من السفر، والأسر التي لم يكن لها نصيب في السفر هذا الصيف مشكلة الملل، وصعوبة إيجاد برامج ترفيهية وملء أوقات أبنائها وبناتها. الطريقة التي تقضي بها الفتيات أوقاتهن هي نتيجة طبيعية لعدم وجود بدائل ترفيهية متاحة لهن، فليس هناك جهات مسؤولة عن تقديم وسائل ترفيهية مفيدة للفتيات، كما ان هناك غيابا للبرامج المهيأة لخدمة هذا الغرض على مستوى القطاعين العام والخاص، على حد سواء. فالمراكز الصيفية النسائية الموجودة تقتصر نشاطاتها على فترة زمنية محدودة، والبرامج المقدمة فيها لا تشبع غرائز الطالبات في مثل هذه الأوقات. فالعديد من الفتيات اعتدن علِى السهر طوال الليل، والنوم خلال النهار، خلال الإجازة، وانشغالهن بالتلفاز والإنترنت، فهذه الظاهرة غير الصحية باتت منتشرة بين الكثير من العوائل، بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، وهي ظاهرة ناتجة عن قلة الوعي بالأضرار الصحية المرتبطة بعدم انتظام ساعات النوم، ويكون سببها تسليم الأسر واستسلامهم للأمر الواقع المرير الذي يمر على الفتاة في الأحساء، وربما في غيرها من المناطق. والسؤال هنا: ما موقف ودور القطاعين الحكومي والخاص السلبي، من ناحية الاهتمام بالفتيات، وتقديم برامج لهن؟ ولماذا لا يكون دورهما اكبر في تقديم وتنفيذ دراسات وحلول واعية لبرامج خاصة للفتيات، بعيدة عن الربح المادي، بدلا من أن تهمل كليا؟ ولا ننسى الدور الكبير للأهل في مثل هذه الأوقات، فبعض الأهل يحاولون أيجاد أساليب ترفيهية لأبنائهم، حسب قدرتهم وإمكانياتهم المتاحة، أما الشق الثاني؛ فهناك عوائل لا تقدم لأبنائها أدنى شيء، فلذلك يعيش أبناؤهم حيرة شديدة، قد تكون السبب في دمارهم، كما ان غلط بعض الأسر وبحثهم عن الموجود أو المتوافر أمامهم، سواء كان ذلك أسواقا أو مطاعم أو مراكز تجارية أخرى، وجعلها هي متنفسا لأبنائهم، فهذا غلط كبير جداً، فلابد أن تضع الأسرة لأبنائها برنامجا مفيدا طوال فترة الإجازة. فالإجازات في نظر الكثير من الأهل عبارة عن فرصة لانطلاق الأبناء في عمل ما يشاءون، بشرط أن يتركوا الوالدين للتمتع بوقتهما، كما يرغبان، فهناك الكثير من الآباء الذين يفضلون السهر مع أصدقائهم أو السفر، ويتركون الأبناء مع أمهاتهم، ليبتعدوا عن أي شيء يعكر صفو فراغهم الطويل. فمشكلة الأبناء أهون من البنات في الصيف، في ظل المجتمع الذكوري، الذي يتيح للأولاد السهر في أماكن لا يعلم الأهل مكانها، ولا يضيعون أوقاتهم لمعرفتها، باعتبارهم رجال في نهاية الأمر، ومسموح لهم بأن يصولوا ويجولوا على راحتهم دون محاسبة!! أما بالنسبة للفتيات فوضعهن هو الأهم، فهناك الكثير من المشاكل التي تواجهها الفتيات، بسبب أوقات الفراغ، خاصة في الإجازات الطويلة والمملة، لذا فهم الأهم، من ناحية توفير وسائل ترفيهية مفيدة لهن، لأن ما هو متاح لهن شحيح جدا، بسبب العوائق الاجتماعية التي تحد من التحاقهن بنشاطات اجتماعية أو ثقافية. لذا فإن البديل يكون محصوراً في إطار السهر أمام التلفاز أو الفيديو أو الإنترنت، وأيضا التسوق، الذي قد يدفع إلى العبث، الذي قد يكون بريئا في البداية، ولكن سرعان ما يتطور إلى مشكلة، تدفع الفتاة ثمنها غاليا، إذا لم تقدر ما تفعله. ومن الصعب إلقاء اللوم على الفتاة، فمهما بلغت من النضج، تظل الرغبة لديها في الخروج عن المألوف والبحث عن المغامرة. الحل هو ضرورة أن يكون هناك دور أكبر للجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو أهلية، والتي تقع عليها المسؤولية في تغيير السائد، في طريقة قضاء الفتيات الإجازات الصيفية. فليس من المعقول ان تمضي الفتاة ما يقارب الاشهر الأربعة في البحث عما يملأ وقت فراغها، فلماذا لا تستفيد القطاعات من هذا الوقت بتوفير أعمال بسيطة، كالعمل التطوعي في الجمعيات أو المستشفيات وغيرها، ليس فقط للاستفادة المادية فقط، وإنما لكسب خبرة وعلاقات اجتماعية، وهو ما يفعله الكثير من الدول التي تستغل فترة الصيف لتشغيل فتيانها وفتياتها. لذا فهناك حاجة ملحة لدراسة وضع الفتيات في الإجازة الصيفية، في مجتمع له خصوصياته، فيما يتعلق بالمرأة وحدود سلوكها. شعاع عبدالعزيز