انتهى العام الدراسي الطويل .. وانتهت معه صفحة من معاناة أولياء الأمور وهم يسابقون هموم الظروف مع أبنائهم سعيا وراء الشهادة الدراسية المأمولة، ورغم ذهاب هم الاختبارات الذي تواصل ملازما المجتمع كله بكل مستوياته وفئاته .. إلا أننا نجد أنفسنا اليوم نبدأ معاناة جديدة وهي أكبر مما مضى بعد دخول الإجازة الكبيرة التي أصبحت تشكل هاجسا أكبر وأكثر قلقا لأولياء الأمور، وليبدأ هاجسهم بمشروع النوم حتى منتصف النهار والسهر إلى الوقت الأخير من الليل ولا يكاد ينتهي بالفراغ الذي يغلف أوقات شبابنا فيما تكون أوكار الفساد قد فتحت أبوابها لتدق أجراسا من القلق المزعج فوق رأس المجتمع, وبالتالي تطرح التساؤلات نفسها على طاولة النقاش .. كيف نتعامل مع هذه الظاهرة بل هذا الوباء؟ وكيف يمكن أن يتعايش الأبناء والمُجتمع مع الإجازة بالشكل المطلوب بعيدا عن الفراغ ودهاليزه؟ .. العديد من الأسئلة نطالع الآراء حولها في هذه المادة .. هاجس كبير حول محور موضوعنا يقول أحمد السويلم ولي أمر :» دائما ما تكون العطل والإجازات الطويلة بمثابة الهاجس الكبير لنا خوفا على الأبناء من أمور كثيرة، ولعل من أهمها أوقات الفراغ التي دائما ما تكون طويلة ودائما ما يتخللها من معاناة سهر الليل حتى الصباح الباكر بعض الانحرافات، وقد تعودنا أن نتابع الأبناء أيام الدراسة ونحرص عليهم كثيرا بينما تأتي المشكلة في العطل والإجازات، فأوقات العمل تحرمنا الجلوس حتى مع الأبناء، ولذلك أعتقد أنه ليس لنا في متابعتهم إلا الأندية الصيفية «. تصرفات غريبة وهذا محمد القحطاني يؤيد ما جاء به السويلم ويضيف :» هناك بعض الأبناء من الشباب أو من الأطفال يستغلون مثل هذه الإجازات بالتصرفات الخاطئة لإشباع رغباتهم، فتجدهم يقومون بعملية التخريب والتكسير للممتلكات العامة دون أي مبرر وبدون أي مراقبة من أهاليهم، وذلك نظرا لأنه لم تشغل أوقاتهم بالفائدة فتجدهم في الشوارع بشكل دائم وغريب جدا وكأنهم لا يعرفون بيوتهم إلا أثناء النوم، كما أن هناك بعض الشباب المراهق ممن يقومون بهذه التصرفات الغريبة جدا، ولذلك فالأمر يتطلب إشغال أوقات الفراغ بما هو مفيد للأبناء، ولقد شاهدت بعيني بعض المراهقين ممن يتصرفون بشكل غريب وبدون أي احترام « . التفحيط ظاهرة خطيرة وفي رأي آخر يقول عادل الهزاع :» لعل من أهم المشاكل التي دائما ما تظهر بشكل كبير في العطل والإجازات ظاهرة التفحيط التي استفحلت بشكل مخيف وراح ضحيتها أبرياء، فهناك شباب مراهقون استغلوا هذه الأوقات لإبراز عضلاتهم الغريبة وإزعاج الناس وهم في بيوتهم حتى ساعات متأخرة من الليل، حتى وصل الأمر إلى أن عملية التفحيط تكون مع اقتراب آذان الفجر والصباح الباكر، والمشكلة أن هذه الظاهرة أصبحت مجمعا كبيرا للمتجمهرين والمتفرجين من الكبار والصغار الذين يعرضون أنفسهم للمخاطر ويجبرون أنفسهم على السهر بعيدا عن بيوتهم مما يجعل أهاليهم في انشغال كبير، وبذلك تتحول إجازتهم إلى هم كبير يحتاج إلى أن يضع له حدا بشكل سريع وجاد» . لعل من أهم المشاكل التي دائما ما تظهر بشكل كبير في العطل والإجازات ظاهرة التفحيط التي استفحلت بشكل مخيف وراح ضحيتها أبرياء تعلمت التدخين بسبب الفراغ الشاب أحمد البالغ من العمر 17 عاما يقر أنه لم يتعلم التدخين إلا عن طريق مصاحبته للشباب، وهو يتحدث بكل صراحة ويقول :» قبل ما يقارب ثلاث سنوات انشغلت عائلتي كثيرا عني وأصبحت أبحث عن مكان أجلس فيه، فلم أجد إلا مصاحبة بعض الشباب الذين كانوا مدخنين، ولكم أن تتصوروا الساعات التي أقضيها معهم في الاستراحة وغيرها ونحن في أيام الإجازة، وهذا ما جعلني أصبح مثلهم مدخنا لاسيما أني أيضا لم أجد من ينصحني وينبهني من عواقب التدخين أهالينا مشغولون ويرى عدد كبير من الأبناء الكبار والصغار أن أحوالهم تتغير في العطل والإجازات خاصة ما يحدث فيها من تغيرات وانحرافات بسبب الغفلة الكبيرة من أهاليهم وعدم التفرغ لهم كما هو معتاد أيام الدراسة، مشيرين إلى أن انشغال أهاليهم دائما ما يكون في أعمالهم أو المناسبات أو سفرهم وتركهم لوحدهم في البيت، ومؤكدين أن هذه الإجازات تكثر فيها المناسبات مما يضطر الأهالي السهر حتى منتصف الليل . دعوة للأبناء من جهته دعا مشرف النشاط الطلابي بتعليم الشرقية وليد الدوسري الآباء والأمهات إلى تسجيل أبنائهم لدى الأندية الصيفية التي تقيمها وزارة التربية والتعليم ممثلة بالإدارات التعليمية في جميع المناطق والتي أعدت لها العدة مسبقا لتكون حاضنات تربوية تقدم المتعة والترفيه والفائدة خلال فترة الإجازة خاصة للذين لم يخططوا للسفر والسياحة، ويستطرد الدوسري في سياق حديثه فيقول :» ففي هذه الأندية استثمار أمثل للوقت الكبير ولطاقات الشباب والفتيات في كل ما يساهم في نمو شخصيتهم ومهاراتهم ويساعد في نضج تفكيرهم ومدى إدراكهم لقيمة الوقت ولما يمتلكونه من نعمتي الصحة والفراغ، وذلك حيث تقام خلال فترة الأندية الصيفية برامج ومنافسات دينية وثقافية ورياضية وعلمية وأدبية وبرامج تدريبية ورحلات وزيارات وبرامج تطوعية في خدمة المجتمع إلى جانب المهرجانات والاحتفالات والمعارض المتميزة والتي يقوم الشباب بأنفسهم بالإعداد والتنفيذ لها «
الصقعبي : لابد من تفعيل الدور الاجتماعي للمؤسسات التعليمية المعلم والمستشار الأسري بمركز التنمية الأسرية بالدمام عبدالسلام الصقعبي يقول حول هذا الموضوع «: من سلبيات الإجازة نوم النهار الذي يفوت الصلوات والمناسبات, ويتبع هذه السلبية سلبيات كثيرة منها تدهور في الساعة البيولوجية للجسم, وتفويت كثير من المصالح التي لا يمكن أن تنهى إلا في النهار مثل متابعة الدوائر الحكومية أو بعض المصالح المؤسسية, وقد نتجاوز عن هذا الأمر إذا كان الأبناء راشدين, لكن الأمر تعدى إلى ما هو أسوأ منه حيث طال سهر الأطفال الصغار الذين لم يتجاوزوا الأربع أو الخمس سنوات من أعمارهم, ولذا فأنا أعتقد أن أكبر مُشكلة تواجه الأسرة في الإجازة هي قضية السهر الذي أصبح الأبناء يعتبرونه حقا من حقوقهم, والمسألة الأخرى من مشاكل الإجازة هو رفض أي صورة أو شكل من أشكال التعلم عند الأبناء في الإجازة فهم يعتبرونها فترة استرخاء لكل شيء حتى التفكير والتعلم, بل إنك عندما تحاول إدراج الطفل في أي سلك تعليمي مثل دورات لغة أو حاسب أو ما سواها .. تجد أنك لن تتمكن من إقناعه إلا بجُعل مالي أو مكافأة, كذلك من المشاكل التي تواجه الأبناء في الإجازة هذا الزخم الإعلامي الهائل الذي تستعد له القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية بصورة كبيرة, فتجد أن الشاشة والإنترنت والإذاعة, وكل وسائل الاتصال المرئي والمسموع تُكثف برامجها في الإجازة لتتمكن من حبس أكبر قدر من الناس أمامها, وهذه مُشكلة أيضاً, وأعتقد أن الآباء والمربين والمسئولين عن المُجتمع يجب أن يُدركوا خطورة هذا الأمر كما يجب أن تُجهز برامج صيفية للأبناء يكون وقتها من بداية النهار ولو كان مُتأخراً قليلاً, وذلك سواء برامج تربوية أو تعليمية أو اجتماعية أو رياضية, بحيث تنتهي هذه البرامج قُبيل العصر أو تكون على فترتين تنتهي مع بداية المساء، كذلك ينبغي للآباء وهم المسئولون عن أبنائهم أن يضعوا خططهم في هذه الأوقات، أيضاً لابد من تفعيل الأدوار الاجتماعية لمراكز الأحياء والمؤسسات التعليمية ودور العرض والأنشطة العامة التي تقوم بها بعض الجامعات والمؤسسات الحكومية, وذلك لأننا نجد في الإجازة أماكن ترفيهية وتعليمية يستطيع معها الشاب والفتاة ملء وقت الفراغ الكبير لديه كونها لا توجد دراسة صباحية «
الشباب يحتاجون للإرشاد والنصح والإبتعاد عن المخاطر (اليوم)