أي: اللحوم التي في مطاعم الحرمين الشريفين: مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وربما يجري ذلك فيما أزعم على سائر المطاعم ولحومها في المملكة .. نعم فَجُلُّ اللحوم التي تقدمها مطاعم مدينتَيْ الحرمين غير طازجة، وغير محلية، أي أنها مذبوحة خارج المملكة، وإنْ دَخَلَتْ بعبارة (مذبوح على الطريقة الإسلامية)، أو (حلال). فهذه العبارات لم تعد تكسب ثقة المستهلك الحريص على تناول لحم حلال طيب، بل هي في ظني عبارات تجارية (لتمرير) البضاعة . فالدجاج إسترالي، وفرنسي، وأمريكي، ودانماركي، وهولندي، أي لا وجود لدولة إسلامية بين هذه الدول (عدا تركيا)، وحتى هذه عليها تساؤلات، وقل الشيء نفسه على لحوم الغنم، والبقر، والجزور.. فأنت لن تجد مطعما أو مطبخا فيهما يقدم لحما طازجا للحجاج والمعتمرين والزوار. (سوق السمك) قَذَفَتْهُ أمانة المدينتين المقدستين في أقصى الخارجوهذا مؤلم جدا، فإنْ تَحمّلَ المستهلك ذلك في مدن أخرى، فمن غير المعقول واللائق تَحَمّله في المدن المقدسة، التي يَفِدُ إليها الناسُ من كل حدب وصوب. والمستهلك يكون في ذلك بين نارين: نار السؤال قبل الشراء: هل لحومكم طازجة ومحلية؟، أو: عدم السؤال من الأساس. فإن سأل: أتاه الجواب بما لا يريده، وهو النفي بمعنى معاناة جديدة في توفير، وشراء لحم طازج، وطهيه، وصرف وقت في ذلك هو بأمس الحاجة إليه لأنه على سفر، ويريد طعاما جاهزا، أو بشراء دجاج وطني من أقرب (بقالة). أما (سوق السمك) فقد قَذَفَتْهُ أمانة المدينتين المقدستين في أقصى الخارج تَجَنُّبا للرائحة، وهذه معاناة ثالثة للحاج والمعتمر إلى غير ذلك من صور المعاناة. ثم إذا كان المواطن قادرا على شراء لحوم أو (ذبائح )، أثناء فترة الحج والعمرة تجنبا للمطاعم الموجودة فإن ذلك عسير على سواه من القادمين للمملكة الذين قد لا يملكون المال الكافي لذلك.. وبما سيتناقلونه وهم عائدون إلى بلدانهم.. أما المعاناة الثانية: فهي عدم سؤاله المطعم عن اللحم في الأساس، فإنْ هُوَ لمْ يسألْ.. حصل على طعام جاهز وسريع ورخيص، لكنه في قرارة نفسه قد يعلم أن هذا اللحم غير طازج، أو لِنَقُل غير محلي، ولكن ظرفه اضطرّه لشرائه، مع علمه بحاله. وقد يقول قائل: 1- نحن في بلد إسلامي وما يَرِدُنا من أطعمة يدخل في دائرة الحلال المُطْلَق (حتى يثبت العكس)، فإن كان غير ذلك فهو ذنب الجهات المُخْتَصَّة، المُصَدِّرَة، والمُوَرِّدَة فحسب. 2- لا يجب على المشتري السؤال عن اللحم، ما دام في المملكة، وعليه أن يشتريه دون سؤال، بل سؤاله هو الخطأ. 3- ما أدراكَ أيّها الكاتب أن هذا اللحم غير مُذَكّى، وعلى غير الطريقة الإسلامية، فأنت مأمور أن تأخذ بالظاهر، والظاهر يقول لك إنه: (مذبوح على الطريقة الإسلامية) وكفى.. هي تساؤلات تبقى محل تساؤل.. أما ما تجده من ازدحام على هذه المطاعم فهو من قبيل (وما حيلة المضطر إلا ركوبها) كما قلنا، ومع الإشارة إلى نقطة هامة لا يجب إغفالها، وهي أن أثمان تلك اللحوم رخيصة ومُرْبِحة، لهذا يتسارع تجار المطاعم الى تقديمها للناس للربح السريع، ولا يهمهم وضعها الشرعي وأثره على النفوس والأرواح.. وحتى لو ارتفعت أسعار (الذبائح) في الأسواق المحلية بشكل مزعج جدا، فهذا لا يبرر تقديم اللحوم رخيصة الثمن، ذات الإشكالية إلى الناس. ولا أفهم بصراحة سبب تجاهل وسكوت الجهات الرسمية المختصة على ذلك، وسكوت المواطن أيضا. وإلاّ فاللحم (الحلال المؤكد) يساعد على نقاء الروح، وقوة الإيمان، ورِقَّة القلب، وبُعد الإنسان عن الشبهات.. هكذا تعلمنا من السُّنَّة النبوية الشريفة، ومن التاريخ والأبحاث العلمية وغيرها، ويحضرني في ذلك ابتهال منسوب لأحد الأئمة، إذ يقول: (اللهم طَهّر بطوننا من الحرام والشبهة)، فهل ما زعمته صحيح، أم أنه يدخل في الأشياء المظنونة، أو المسكوت عنها؟ أتمنى لكم طعاما حلالا طيبا شهيا. قارورة: يا أحلى من شَهْدٍ صافٍ يا أنقى (فيروزٍ) أزرق! أشتاقُ لِمَوْجٍ يُغمِرني في بحر عيونكِ.. كي أغرق هل ألْقى في قلبكِ قلبا يُنقذني من جمر المأزق؟ تويتر @mtaljelwah