عمالة وافدة، تعمل في الأزقة والحارات الشعبية، بعيدا عن أعين الرقابة، تبيع الأطعمة.. لا يهم نوع الطعام دجاج، سمك، أو لحوم، وبالمقابل يتسابق الناس على شراء الأمراض والأوبئة رغم إدراكهم بخطورة هذه السلع وعدم مطابقتها لاشتراطات السلامة أو حتى الكشف عنها من قبل مراقبي الأمانة للتأكد من سلامتها، فيما يطلق الخبراء والمختصون في مجال الأغذية صيحات التحذير، مؤكدين على ضرورة تشديد الرقابة من الجهات المختصة على تلك المحال و «البسطات» وما تقدمه من وجبات تخبئ في طياتها الأمراض والأوبئة وما لا يحصى ولا يعد من البكترية.. «عكاظ» تجولت في أحد الأحياء الشعبية وسط جدة حيث تزدهر بهذا النشاط، وحاورت عددا من المستهلكين والباعة، وواجهت في سياق التحقيق التالي الجهات المعنية بحزمة من التساؤلات والاستفسارات حيال المشكلة.. وكانت البداية مع خالد قايد الحربي الذي بين، سهولة الغش في اللحوم بسبب عدم استطاعة الكثيرين التفريق بين الجيد منها والفاسد، وذلك ما يدفع بالناس على الملاحم العشوائية التي تبيع المرض، وأضاف: لا أثق في اللحوم التي تباع أو تذبح بهذه الطريقة غير النظامية لأنك لا تضمنها ولا تعرف ما هو مصدر اللحم ومدى سلامته، كما أن العمالة التي تقوم ببيعه قد تحمل مرضا معديا ولا توجد لديه شهادة صحية وهو ما يزيد من المشكلة والمرض، فيما يرى أحمد موسى هياش غياب الجانب الرقابي على محلات تبيع اللحوم، وأضاف: محلات اللحوم والدواجن والأسماك بحاجة إلى متابعة خصوصا داخل الأسواق الشعبية.. وستطرد قائلا: «أشتري اللحم كذبيحة كاملة من مربيي الأغنام حتى أضمن سلامتها وجودتها». بدوره حمل مساعد الشهري، المتسوقين مسؤولية ما يتعرضون له من مخاطر نتيجة لشرائهم الأغذية المكشوفة، كما حمل الأمانة المسؤولية مناصفة نتيجة لإخفاقها في محاربة الظاهرة التي تفشت في مدينة جدة بشكل كبير على حد قوله، ويوافقه الرأي سالم الأحمد، وأضاف: «لا يمكن السكوت عن هذا الأمر وعلى الجميع مقاطعة هذه النوعية من المأكولات والسلع التي تجلب الأمراض لأجسادنا وتطلق أيادي العمالة الوافدة تعبث في المأكولات كيفما تشاء دون حسيب أو رقيب»، متمنيا أن تكون الرقابة من الجميع، والتبليغ عن بيع الأطعمة الملوثة. طازجة ولكن وفي الوقت الذي يحاول فيه الكثيرون من الباعة المواراة والابتعاد عن أعين الرقابة، خصوصا بعد سيل الاتهامات الموجهة لبائعي الأطعمة واللحوم بالتسبب في نشر الأمراض والأوبئة الخطيرة بين المستهلكين، دافع فريد محمد بائع هندي عن المأكولات في «بسطته» في حي البلد وسط جدة، مبينا جودة ما يقدمه من أطعمة شهية مكونة من اللحوم والأسماك الطازجة والغنية بالفيتامينات، نافيا أن تكون تلك الأغذية فاسدة أو غير صالحة، مشيرا إلى أن محله يشهد إقبالا كبيرا من الزبائن في كل الأوقات سواء في المناسبات العامة أو الخاصة، واختتم بالقول: «الزبائن يقصدونني من كافة أنحاء جدة للاستمتاع بالأطعمة بأسعار زهيدة مقارنة بمحلات الوجبات الخفيفة الأخرى التي تبالغ في الأسعار. البكتريا والتلوث إلى ذلك، اعتبر استشاري الباطنية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور محمد الحضرامي، أن اللحوم عبارة عن مصدر خصب لتكاثر البكتيريا والتلوث الذي يصعب تلمسه، مشيرا إلى أنه لابد من التأكد من سلامة اللحوم قبل الشراء. وأن يتم الذبح في مسلخ مؤهل للتأكد من سلامتها من الأمراض، واستبعاد الأجزاء غير الطبيعية، خصوصا أن المرض يظهر على الذبيحة بأشكال عدة منه تغير في اللون أو وجود تحلل أو تكيس أو طفيليات في المرارة، حيث يتوجب التخلص من كامل العضو إذا وجدت إصابة في بعضه، وتحتاج هذه المسألة إلى طبيب بيطري مختص لفحص الذبيحة، ولا تتناول اللحوم إلا بعد التأكد من نضجها تماما خصوصا للأطفال. وأضاف الدكتور الحضرامي: تقطيع اللحوم يعرضها للفساد من خلال التلوث الميكروبي بشكل كبير حيث إن اللحوم بيئة مناسبة لتكاثر الميكروبات، ولهذا يجب عمل المزيد من الاحتياطات لتقليل الحمل الميكروبي على اللحم، مبينا أن اللحوم المبردة التي تستورد من الخارج تحتاج إلى عناية خاصة لتعدد وسائل نقلها من مكان لآخر، حيث يشاهد دائما تغيرات في تلك الذبائح التي لم يراع في نقلها الاشتراطات الصحية، لافتا إلى الأضرار الكبيرة الناتجة عن بعض الإضافات الصناعية التي تقلل الفساد في اللحوم وتحافظ على لونها الأحمر القاني لفترة أطول أثناء العرض في المحلات والأسواق، وتحتوي على مواد مسرطنة تضر بصحة الإنسان. أطعمة تساعد على نمو البكتريا من جانبها، حذرت أخصائية التغذية في مستشفى خاص في جدة، علا صادق من ترك اللحوم معرضة للشمس أو التلوث أو حتى في السيارة في الجو الحار لفترة طويلة لكيلا تتيح للبكتيريا فرصة النمو، مشيرة إلى احتمال حمل اللحوم أنواعا خطيرة من البكتيريا كما هو في الدواجن على سبيل المثال، ومنها بكتيريا «السالمونيلا» التي قد تنتقل إلى البيض، وهو ما يتوجب العناية أكثر بفحص مزارع الدواجن للتأكد من سلامتها، ووضع اللحوم في كيس مستقل بعد تنظيفها وغسلها جيدا. أمراض من الحيوانات أما الطبيب البيطري الدكتور محمود السيد، فبين أن عدد الأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان كثيرة ومن أشهرها حمى الوادي المتصدع، والضنك، أنفلونزا الطيور والسل، إضافة إلى الأمراض التي تنتقل للإنسان عبر اللحوم ومنها (اليرقان) وهو اصفرار الأنسجة والعضلات وهو نتيجة ارتفاع صبغة البيروبين والبرفيدين في الدم ويحصل الاصفرار وارتفاع هذه الصبغات نتيجة وجود خلل في الكبد لدى الإنسان سواء تليف كبدي أو ديدان كبدية، محذرا من الأغنام التي تذبح خارج المسالخ والتي لا يتم الكشف عنها، مبينا أن اللحوم المحقونة بالمضاد تسبب تسمما للمستهلك بعد تناولها، وقال: «في المسالخ النظامية يتم إتلاف هذه الحيوانات بعد الكشف عليها من الطبيب». حجم التلوث من جانبها، حذرت أخصائية التغذية فدوى الغامدي المواطنين من الشراء من تلك الأماكن المكشوفة التي تقدم أطعمة وأغذية تتسبب في كثير من الأمراض كالإسهال والتسمم الغذائي والإصابة بالدودة الشريطية وغيرها من الأمراض، واستبعدت أن تكون هناك إحصائية دقيقة لحجم الأطعمة والأغذية الملوثة التي تقدم للمواطنين في الشوارع، وقالت: «على البلديات إلزام البائعين بالاشتراطات الطبية كالمكان المغلق ذي التهوية المناسبة ولبس القفازات للعاملين خصوصا أن الأطعمة المكشوفة معرضة لخطر التلوث نتيجة الأتربة وعوادم السيارات، متهمة الجهات المسؤولة بالتقصير في المراقبة. رأي الأمانة ومن جهته، أعلن مدير أسواق النفع العام في أمانة محافظة جدة الدكتور ناصر الجار الله، الكشف عن المخالفات والتجاوزات بصفة يومية خلال شهر رمضان، ومنها ضبط كميات كبيرة من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، وذلك من خلال جولات ميدانية تقوم بها الفرق التابعة للأمانة، منها أسماك فاسدة مستوردة (مجمدة) تم إتلافها وتطبيق الغرامة المنصوص عليها في لائحة الجزاءات والغرامات المعتمدة، وفي مجال الدواجن بين تنفيذ جولة مشتركة مع عدد من الجهات الحكومية الأخرى على مواقع مسالخ الدواجن العشوائية، وإتلاف الدواجن غير الصالحة للاستهلاك الآدمي وتطبيق الأنظمة والتعليمات بحقها، فضلا عن تنفيذ جولات يومية على محال بيع اللحوم من قبل البلديات الفرعية والإدارة العامة للمسالخ حيث تم تحرير المخالفات وتطبيق الأنظمة على المخالفين، مؤكدا وجود بعض ضعاف النفوس الذين يستغلون موسم شهر رمضان المبارك من أجل ترويج منتجات شارفت على انتهاء صلاحيتها وبيعها بأسعار مخفضة خاصة في المناطق العشوائية غير النظامية والأسواق غير المرخصة.. واستطرد الدكتور الجار الله في القول: إن الأمانة بكافة قطاعاتها تعمل منذ وقت مبكر كل وفق تخصصه، إلا أنها تكثف عملها خلال هذه الفترة، وتقوم بجولات ميدانية على محلات الملاحم والدواجن والأسماك وذلك على ثلاثة محاور، حيث تتم بمعرفة البلديات الفرعية التي يقوم بها المراقبون الصحيون في نطاق الفرع وبصفة يومية. والمحور الثاني عن طريق لجنة مكافحة الذبح خارج المسالخ من قبل الإدارة العامة للمسالخ وأسواق النفع العام في كافة المحافظة. والمحور الثالث عن طريق الإدارة العامة للتراخيص والرقابة التجارية التي تغطي كافة المحافظة، مبينا إتلاف اللحوم الفاسدة بعد إشعار ضبط مخالفة للموقع ومن ثم تطبيق لائحة الجزاءات والغرامات البلدية الصادرة بقرار مجلس الوزراء بهذا الخصوص. ونوه الجار الله إلى الأختام المعتمدة من الأمانة التي تستخدم لختم اللحوم وهي عبارة عن شريط بطول الذبيحة يحتوي على مربعات تحمل نوع الحيوان واسم المسلخ الذي تم فيه الذبح وعلامة سرية يتم تغييرها بشكل يومي ومربع مكتوب عليه أمانة محافظة جدة، ويكون لون الحبر أحمر في حالة الذبائح للحيوانات المستوردة ولون أزرق للحيوانات المحلية. وطالب الجار الله في حال الاشتباه في ظهور علامات غير طبيعية على اللحوم بالاتصال على رقم طوارئ الأمانة 940، مبينا أن فرق الطوارئ جاهزة وعلى أهبة الاستعداد للوقوف على البلاغات مباشرة.