رغم التوتر المتصاعد في وسط العراق وجنوبه فقد ارتأت الحكومة العراقية المؤقتة يوم أمس عقد المؤتمر الوطني العراقي لاختيار مجلس وطني من مائة عضو يتولى الإشراف على الحكومة المؤقتة حتى إجراء الانتخابات في شهر يناير المقبل ، ومن شأن خطوة كهذه أن ترسخ أهمية العمل السياسي وبلورة أهدافه في المراحل القادمة من بناء العراق الجديد بعد سنوات عجاف ذاق فيها الشعب العراقي الأمرين من النظام الصدامي البائد الذي أدخل العراقيين عنوة في سلسلة من المغامرات العسكرية الخاسرة التي كادت تمزق هذا البلد شر ممزق وأن تأتي على الأخضر واليابس فيه وأن تخلخل مفاصل وحدته الوطنية التي حرصت الأمة العربية على الإبقاء عليها والدفاع عنها في كل محفل ، ويتعين في الظروف الحرجة التي تمر بها العراق في الوقت الحاضر أن يتكاتف العراقيون للارتفاع فوق جراحهم وتغليب مصالح وطنهم العليا على كل مصلحة فالحكومة العراقية المؤقتة تتحمل مسؤولياتها التاريخية والخطيرة للنهوض بمهمات أساسية على طريق إنجاز العملية السياسية والانتقال بالعراق إلى حكم المؤسسات المنتخبة والدستور الدائم والاحتكام بشكل جذري ومباشر إلى الرأي العام العراقي فيما له علاقة بالشأن العام ورسم الخطوط العريضة لمستقبل عراقي منشود يتمتع فيه العراق بالأمن والاستقرار والحرية ، وثمة منطلقات هامة تمثل أولويات رئيسية لا بد من الاهتمام بها في المراحل الحاضرة والمقبلة من العمل السياسي على رأسها ترسيخ الأمن بحكم أنه الأشد إلحاحا لحماية العراقيين من العنف والتمهيد لإعادة اعمار العراق ثم تعزيز السيادة الوطنية استنادا إلى قانون إدارة الدولة والتعاون الوثيق مع سائر القوى السياسية وممثلي الرأي العام والأممالمتحدة ، ومن ثم توفير الخدمات الأساسية ذات العلاقة الحيوية بحياة المواطنين اليومية ، ومن ثم الانتقال لمعالجة المعضلات الاقتصادية الكبرى التي قد تحول دون إعادة اعمار العراق ، وبعد ذلك يمكن الالتفات لتنفيذ الخطط الموضوعة لتطوير الأنشطة الثقافية والشروع في حماية الحريات والمؤسسات وترسيخ أركان الوحدة الوطنية والعمل على إعادة العلاقات مع سائر دول العالم واحترام التزامات العراق الدولية واحترام مبادئ ميثاق الأممالمتحدة والجامعة العربية ، ولا شك أن المؤتمر الوطني يضطلع بأدوار حيوية في الظروف العصيبة التي يمر بها العراق اليوم وعليه اجتياز مختلف الصعوبات والأزمات للوصول إلى بر الأمان والتمهيد لصناعة عراق المستقبل وصناعة أجياله الواعدة.