ثمة سؤال صعب فرضته نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة: هل أتت تلك الانتخابات بمؤشرات تبشر بالخروج من نفق الطائفية والعنف والفتنة التي ظلت السمة البارزة للعراق على مدى السنوات السبع الماضية.. وهل أصبح بالإمكان القول إن العراق اتخذ الوجهة الصحيحة نحو الاستقرار وإعادة الإعمار.. أم إنه سيواصل الانزلاق نحو المجهول والخوض في مستنقع الدم والفوضى والانقسام؟ ما يدعو إلى القلق والتوجس في الإجابة على هذا السؤال الخوف من الفراغ السياسي في حال تعذر تشكيل حكومة ائتلاف متوازنة قادرة على إدارة شؤون العراق بمعزل عن التدخلات الخارجية ، خاصة في ظل تصاعد وتيرة المساومات بين الكتل النيابية الخمس الكبرى، وحيث بات من المتوقع أن تستغرق محادثات الائتلاف فترة زمنية طويلة قد يتجدد خلالها العنف والفوضى والصراع الطائفي بما يؤخر من انسحاب القوات الأمريكية وجميع القوات من العراق عن موعده الذي تحدد نهاية العام المقبل. لعل ما يزيد من حجم هذه المخاوف اجتياح مسلحون متخفين بزي الجيش العراقي منازل للعرب السنة أمس الأول في قرية عرب الجبورالتي تقطنها أغلبية سنية «، وقتلهم ما لا يقل عن 25 شخصاً. بالطبع ليس هنالك ثمة عراقي مخلص لوطنه ولا عربي مخلص لعروبته يتمنى للعراق غير الوقوف مجددًا على أرضية صلبة تتيح له الانطلاق مجددًا إلى آفاق التقدم والاستقرار والرخاء تعويضًا للسنوات والخسائر التي فقدها خلال تلك السنوات السبع العجاف والتحرر من الاحتلال ومن الفوضى والعقوبات ، ليمارس العراق دوره الذي ظل يلعبه على مر العصور كقلعة شامخة من قلاع العروبة. لا شك أن المنطق يقتضي احترام جميع الكيانات السياسية لنتائج الانتخابات وللإرادة السياسية للشعب العراقي الذي عبر عن خياراته من خلال الاحتكام إلى صناديق الانتخاب لتقرير مستقبله السياسي ، وأن تعكس الحكومة العراقية المرتقبة المؤمل تشكيلها في القريب المنظور نتائج تلك الانتخابات ، بإعطاء فرصة أكبر للقائمة التي حصلت على القدر الأكبر من الأصوات، كما أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة القادرة على ضبط أوضاعه وإعادة استقراره ولحمته الوطنية يشكل التحدي الأكبر أمام قادة البلاد لإثبات ولائهم للعراق العربي الموحد القادر على صياغة مستقبله وآمال شعبه في اتجاه مصالحه الوطنية العليا بعيدًا عن التبعية لأي نفوذ خارجي.