يقال أن أهم شيء في عالم الأعمال هو التفاؤل.. لكن على عكس ذلك يؤكد المؤلف أن الدخول مع توقع أسوأ هو الأسلوب الأمثل .. لأن الدخول في صفقة متوقعا الأسوأ، يجعلك تضع خططا سليمة وناجحة.. وستتعايش معها بسلام إن حدثت بالفعل. أما الأمور الجيدة فستعتني بنفسها. يعتبر كتاب "فن الصفقات والاتفاقات" لمؤلفيه دونالد ترامب وتوني شوارتز بمثابة سيرة ذاتية مسلية للغاية، تلقي الضوء على زوايا خفية للتمويل والتطوير والتشييد في عالم العقارات بمدينة نيويورك. يقول ترامب:" أنا لا أقوم بذلك من أجل المال". وترامب هو ابن سمسار عقارات بمنطقة كوينز، اشترى وجدد فندق كومودور الشهير وعمره 27 عاما فقط. أما اليوم فقد وصل إلى الأربعين، وشيد - بل أنجز- أبراج ترامب الأنيقة بالجادة الخامسة بنيويورك، وهي رمز للأناقة والفخامة معا. كما أنه يمتلك قلعة ترامب الشهيرة وعقارات أخرى بأتلانتيك سيتي. ويخطط لبناء "مدينة التلفاز" التي ستضم أعلى مبنى في العالم أجمع. لكل ذلك وأكثر منه يعتبر دونالد ترامب أشهر شاب في مجتمع مانهاتن. فالجميع يتسابقون إلى دعوته، وهو نجم كل حفل أو حدث يحضره، أو كما يقول كثيرون، "يشرفه بحضوره". * هناك أيضا المثابرة، أي ألا تصاب بالإحباط بعد أي فشل. بل تتعلم منه درسا، ولا تكرره، وتعيد الكرة المرة بعد المرة، حتى تحصل على ما تريد. * مهارة إيجاد توازن بين متطلبات التزاماتك الضريبية، وموافقات الحي، والقرض المصرفي أو الإيجار..الخ. فإن أي اضطراب بين هذه الالتزامات، وخروجها من نطاق سيطرتك بإمكانه أن يهدم أفضل مشروع، حتى وإن كانت كل زواياه الأخرى سليمة. * حس قوي بالعقار وتجارته، وهو ما سيحركك وينقذك ويقودك في أوقات الصفقات والأوقات الحرجة. يرجع ترامب أيضا قدرا كبيرا من نجاحه إلى أسلوبه المسترخي غير الرسمي. فهو مثلا لا يحمل حقيبة أوراق، ولا يقرر مسبقا عقد اجتماعات، بل يقوم بذلك إذا دعت الحاجة إليه. وهو أيضا ليس عنده ما يسمى الاجتماعات الدورية. أما إذا عقد اجتماعا بالفعل، فيسوده جو من عدم الرسمية والمرح وعصف التفكير، أي التفكير الحر وتبادل الآراء والمقترحات، مهما كانت غرابتها. يتميز ترامب أيضا بأنه يترك بابه مفتوحا لكل من يريد الدخول إليه ومحادثته. ويقرر أن هذا من أكبر أسباب النجاح. إذ أنه يعتبر تجميعا لأفضل الآراء والمقترحات، سواء في مجال العقار أو غيره. كما أنه يشجع العاملين معك على التقدم بشكاواهم أو رؤيتهم لأي مشكلة قد تعكس مشكلة للعميل أو المشروع نفسه. ويؤكد ترامب أيضا أن هذا الأسلوب ينعكس عليه هو نفسه. إذ لا تصيبه حالة من الملل من العمل أو الضيق برسمياته. فهو - كما يقول- "يبدأ يومه وهو لا يعرف كيف سيسير". ولا يعني ذلك أنه شخصية غير منظمة. بل هو يتبع الأسلوب المناسب له ولشخصيته. في مجال العقارات - الذي تخصص فيه - يكشف ترامب أسرارا إضافية جديدة، ويدحض كثيرا من الادعاءات والخرافات. فمثلا: يقال دائما أن أهم عنصر في العقار هو موقعه. ولكن ترامب يرى على العكس من ذلك أن أهم عنصر هو تفاصيل الصفقة. فالموقع قد لا يكون رائعا، لكن سعر العقار أو الأرض جيد بالنسبة لهذا المكان. الصفقة إذن هي العنصر المحدد، وليس الموقع - على عكس الشائع. من بين الانتقادات التي توجه لهذا الكتاب أن مادته لا يمكن اعتبارها علمية، من وجهة نظر الكثيرين، وعلى ذلك لا يمكن تعميمها. لكن هناك رأي آخر يقول أنه أسلوب ضمن أساليب عديدة، يمكن اختبارها ضمن غيرها، لاختيار المناسب منها. ومن هذا المنظور يمكن اعتبار هذا الكتاب زاوية جديدة من زوايا عالم -وليس علم - إدارة الأعمال. وإذا كانت إدارة الأعمال مادة عملية وليست نظرية فقط، فإن المقياس الحقيقي لأي منهج فيها هو النجاح الذي يحققه. وبهذا المعيار يعتبر أسلوب ترامب مثلا يحتذى للنجاح المبهر. Trump: The Art of the Deal By: Donald Trump & Tony Schwartz 372 pp. - Warner Books