قبل سنوات وبعد قراءة إحدى سير حياة المليادير الشهير الأمريكي دونالد ترامب تسرب إليّ شيء من الإعجاب بشخصيته التي بدت لي عصامية ومكافحة، ولكن هذا الإعجاب كان غلطة ندمت عليها (بعد انتقاد لاذع من أحد الأصدقاء) لاحقا ليس لأن الرجل ثري، بل على العكس، فالعديد من الأثرياء يقومون بأعمال نافعة للعالم والبشرية، لنتذكر مثلا بيل غيتس أو وران بافيت، ترامب على العكس تماما من هؤلاء فهو يمثل صورة الثري الفارغ المتغطرس والباحث عن الأضواء. مؤخرا توسع نطاق حماقات ترامب التي جعلته يفكر جديا بترشيح نفسه لانتخابات الرئاسية القادمة، في الواقع ان هذا الترشح استقبل في البداية بسخرية لاذعة لدرجة أن أحد المعلقين على قناة السي أن أن رفض التعليق على الخبر لأنه، كما أشار، أشبه بنكتة وليس خبرا جادا يستحق النقاش حوله. ولكن ما بدا سخرية تحول هذه الأيام إلى قصة إخبارية تتناقلها وسائل الإعلام لأن ترامب جعل مكان ولادة الرئيس باراك أوباما قضيته المركزية لاستقطاب الأنصار. في وقت سابق، وبعد ان كثر الحديث عن مكان ولادة الرئيس، وبهدف قطع الطريق على الشائعات، اضطر البيت الأبيض أن يصدر وثيقة تؤكد ولادة أوباما في هاواي. ولكن ترامب المهووس بدأ يجادل بأن الوثيقة لم تحمل توقيعا على الرغم من تأكيد ولاية هاواي قانونيتها. أكثر من ذلك أرسل ترامب مؤخرأ فريقا من المحققين للبحث أكثر في قضية شهادة الميلاد. في حوار مع قناة السي أن أن قال ترامب للمذيعة بأنه إذا كان صحيحا ان الرئيس عاش في هاواي لماذا لا يتذكره أحد هناك وعندما عرضت المذيعة لقطات لأوباما الصغير في هاواي انعطف ترامب في الحديث قائلا:" ولكن القضية الأساسية هي هل ولد في امريكا ام لا؟!"، من ضمن اتهامات ترامب المضحكة أن أوباما ليس من قام بتأليف كتابه الشهير "أحلام من والدي" مشيرا إلى أن ذلك لا ينسجم مع رداءة كتابه الثاني "جرأة الأمل" - من قرأ الكتابين يدرك بأنه على الرغم من شهرة الأول إلا أن الكتاب الثاني لا يقل جمالا -!. تقول الكاتبة الصحافية في جريدة النيويورك تايمزغيل كولينز ان حوار ترامب على قناة فوكس نيوز الذي شن فيه حملة على الرئيس أوباما أظهرت محاوره المذيع بيل أورالي، المعروف بغوغائيته، أكثر تعقلا. أي لا أحد يبدو أهبل من ترامب هذه الأيام!!. ولكن حماقة ترامب الجمهوري التي تبدو مسيئة لأوباما هي على العكس تقدم أكبر خدمة له عندما تعزز اكثر من شعبيته. وكما يردد عقلاء الجمهوريين ان من مصلحة أوباما (وهو الأمر الذي يتمناه كما يقولون) أن يستمر هؤلاء الحمقى بالهجوم عليه حتى يبدو أكثر نجاحا ولمعانا ما يبدو عليه في الواقع. كارل روف، الذي كان أحد أهم الشخصيات التي عملت في إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وهو السبب الرئيسي الذي ساهم في إنجاحه ليحكم في دورة رئاسية ثانية، بدا غاضبا من هذه الشخصيات الغوغائية مثل ترامب وقبله بالين، التي انحرفت بمسار الحزب الجمهوري المفتقد هذه الأيام لشخصيات جاذبة، وأشار روف أن هؤلاء يقومون بخدمة أوباما اكثر من أي أحد آخر. نفس السيناريو تكرر مع سارة بالين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فماكين خسر الانتخابات بسبب بالين التي انقض عليها الإعلامي الليبرالي كاشفا عن قدراتها المتواضعة التي لا تليق بنائبة رئيس قد تكون رئيسة لأمريكا فيما لو مات ماكين أو عجز عن القيام بمهامه، المذيعة الشهيرة كيتي كوريك كشفت بخبث في حوار شهير مع بالين عن افتقارها أبسط الاهتمامات السياسية التي تجعلها عاجزة عن ذكر المجلات السياسية التي تهتم بالاطلاع عليها. الآن ذات الأمر يتكرر مع ترامب الذي سيكون من أكبر المساهمين بإنجاح الرئيس أوباما في الحصول على فترة رئاسية ثانية!. سارة بالين دونالد ترامب