وعلى هامش الملتقى التقت اليوم بعدد من السينمائيين المنتمين لعدد من الجنسيات المختلفة، حيث أكدوا أن وضعية السينما في بلدان الجنوب أوما يصطلح عليها ببلدان العالم الثالث على غرار ما تفعل الهند من خلال استوديوهات هوليود، تتطلب دعما قويا ومتواصلا من الدول لتمكينها من مواجهة السينما الهوليودية وجعلها في موقع طلائعي استراتيجي للمشروع الثقافي الضروري من أجل تنمية هذه البلدان،معتبرين أنه الوقت قد حان للبحث عن حلول ناجعة عوض الاكتفاء بالموقف السلبي في مواجهة التدهور الحاصل في قطاع الفن السابع في بلدان الجنوب. السينما مرآة حقيقية أكد المخرج المغربي محمد عسلي من جهته أن السينما تعكس بصفة عامة وإلى حد ما الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لبلد ما مشيرا إلى أن السينما هي مرآة حقيقة الساكنة ومقياس درجة تطور المجتمع وإحباطات الساكنة في مجال التنمية، مؤكدا من جهة ثانية أن إنعاش السينما في بلدان الجنوب رهين أساسا بالإرادة السياسية لجعل السينما فنا شعبيا حقيقيا أولا وجعلها ثانيا واجهة استراتيجية لكل مشروع ثقافي يطمح إلى أن يعبر عن الهوية وعن مشاعر مجموعة محلية محددة. وأضاف ان الانفتاح الديمقراطي يساهم إلى حد كبير في هذا الإنعاش اعتبارا لكون هذا التعبير الفني يتيح الازدهار لوسيلة دفاعية ثقافية مهمة جدا هي السينما. وفيما يتعلق بقضية تكوين السينمائيين في بلدان الجنوب أعرب محمد عسلي الذي أخرج الملائكة لا تطير في الدار البيضاء عن خيبة أمله لغياب معاهد لتلقين الشباب مبادئ تقنيات السينما وموضوعاتها إلى درجة أننا لا نتوفر على أي فيلم مغربي بمعنى الكلمة مائة في المائة. وقال لا أفهم مثلا كيف أن المغرب وهو البلد الذي يضم أزيد من ثلاثين مليون نسمة لا يتوفر على مدارس التكوين من شأنها تزويد قطاع السينما في مستقبل الأيام بكتاب سيناريو ومؤلفين ومخرجين ومهندسي وتقنيي الصوت وغيرهم،مشيرا إلى أن إنعاش القطاع السينمائي ببلدان الجنوب يعني أن يتوفر أولا على مشروع وعلى استراتيجية ثقافية شاملة وكذا على برنامج تنموي يحاول إقامة توازن بين مختلف أوجه التنمية. نهضة سينمائية من جهته أعرب المخرج الإيراني أمير شهاب رازافيان عن عدم رضاه عن وضعية السينما في بلدان الجنوب بسبب العديد من المشاكل التي تعترض الصناعة السينمائية ومهنيي القطاع مشيرا إلى أن السينما في بعض البلدان كانت أفضل بكثير في عدد من بلدان الجنوب قبل عقود فقط. وأضاف المخرج الإيراني أنه من الأكيد أن بلاده تشهد الآن نهضة سينمائية حقيقية بإنتاج يبلغ أكثر من80 فيلما سنويا لكن الأغلبية الكبرى من سينمائيات الجنوب تعرف عوائق موضوعية وذاتية موضحا أن دعم الدول وتعزيز التعاون جنوب/جنوب في هذا المجال من شأنه التقليل من أضرار الأزمة المتواصلة منذ زمن. وفي هذا السياق أوضح رازافيان أن عدم الاهتمام الكافي بهذا القطاع من قبل الحكومات يشكل أحد أكبر المشاكل التي تعانيها سينما الجنوب موضحا أن ما يزيد من خطورة الأمر هو غياب مادة السينما في المقررات الدراسية وغياب مدارس التكوين السينمائي بشكل عام، مؤكدا أن أهمية دعم الدولة تتمثل في كونها مفتاحا رئيسا من شأنه صياغة رؤية معينة للعالم مضيفا أنه بدون هذا الدعم ستواصل السينما الهوليودية الهيمنة على القطاع وتدمير قيمنا الثقافية المحلية التي ينبغي بالضرورة أن تنفتح على الخارج دون تشويه. وخلص مخرج شريط {طهران السابعة صباحا} إلى أن السينما الهوليودية تهدف أساسا إلى تغيير عقليات شعوب الجنوب وتصرفاتها مما يجعل من السينمائي جنديا سلاحه الكاميرا. هيمنة أحادية وفي سؤال عن مدى تشابه مشاكل السينما في دول الشمال بدول الجنوب، أكد السويسري مورتس دوهافيلن رئيس اللجنة التحكيمية للملتقى الأول للسينما جنوب/جنوب الذي عقد بأصيلة في الفترة ما بين23 و29 يوليو، قال ليس وحدها سينما بلدان الجنوب هي التي تواجه مشاكل في الأسواق العالمية ولكن أيضا سينمات بلدان الشمال، مضيفا أن السينما الأمريكية تهيمن على السوق بشكل كامل مما يؤدي بقوة الأشياء إلى هيمنة أحادية ثقافية. الوضع محرج نفس التوجه سلكه دو هايتين الرئيس السابق لمهرجان برلين حيث قال أن 90 بالمائة من السوق العالمية حتى في بلدان الشمال محتكرة من قبل السينما الأمريكية، فيما تتوزع النسبة الباقية بين أفلام هونغ كونغ وبومباي وبلدان أخرى في العالم، معربا عن اعتقاده أن الوضعية محرجة جدا وتتطلب حلولا عاجلة من شأنها التخفيف ووضع حد لهذه العراقيل.