أضحى لزاما بعد التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة العراقية التفكير جدياً في كبح هذا العنف الذي يسيء بشكل مباشر وجذري للمقاومة الوطنية بل إنه يشوه صورتها ويضرب أهدافها في مقتل ، فإذا كانت القوانين والتشريعات تجيز المقاومة وتبيحها للخلاص من الاحتلال بكل صوره وأشكاله ومسمياته فإن ما حدث مؤخراً في بغداد هو من قبيل الفوضى والتخريب والتدمير ، ولا يمت إلى مقاومة الاحتلال بصلة ، فصحيح أن المقاومة الوطنية أدت إلى اتخاذ قرارات إيجابية لصالح العراق مثل تشكيل مجلس الحكم وتحديد موعد لتسليم السلطة والعمل على البدء في إجراء الانتخابات ، وهذه أمور تصب في المصالح الوطنية الصرفة للعراقيين ، فقد أقنعت المقاومة قوات الاحتلال بأنها تعيش في مأزق حقيقي دفعها إلى محاولة الخروج منه بأساليب متعددة مثل لجوئها للأمم المتحدة لإضفاء أغطية شرعية وأخلاقية لوجودها على الأراضي العراقية ، وكذلك اللجوء لاستدعاء قوات من دول عديدة لتتقاسم معها أعباء وخسائر الاحتلال ، وتلك أمور ظاهرة وصحية ومنطقية ، غير أن من الخطأ الفادح القول بأن عمليات العنف الأخيرة في بغداد هي من صلب المقاومة وتصب في مصالحها المعلنة ، فالقتل والترويع والتدمير الناجمة عن تلك العمليات أساءت بشكل مباشر للمقاومة الوطنية وعطلت مهماتها ، فثمة عناصر وجماعات استمرأت العنف لتحقيق مصالح وأهداف خارجة عن إطار المصالح والأهداف العراقية الوطنية من مهماتها التخريب والهدم ونشر الفتنة والفوضى بين ربوع العراق ، وتلك العناصر مستفيدة بطبيعة الحال من عملياتها الرامية إلى تشويه صورة المقاومة العراقية وبعثرة جهودها ، وإزاء ذلك فإن على العراقيين وهم يبحثون عن استرداد سيادتهم الكاملة على أرضهم الحذر من أولئك الساعين لإشعال فتائل الحروب الأهلية وتفجير العراق من الداخل تحقيقاً لمآربهم ومشاربهم التي لم تعد خافية على أحد.