كلمة سمو ولي العهد سدد الله خطاه الى وفد مؤتمر الحوار الوطني الثالث المخصص لحقوق المرأة والمنعقد في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الحقوق الحق. كانت على سجية سموه عبارات صادقة خالية من التكلف ولكنها (وبدون تزلف) حوت فأوعت وقلت ولكنها دلت. وهكذا اذا خرج القول من القلب فإنه يصيب القلب فعندما يركز على الدين ثم الوطن فهو يلمس ثوابت لا مساومة فيها ولا عليها وحالما يؤكد تألمه لقيام أبناء بلده بأعمال القتل والارهاب وترويع الآمنين وسفك دماء أبرياء من الوافدين الى هذا البلد الممثل لعدالة الاسلام وشهامة العروبة، فإنه محق. وظلم ذوي القرى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند حينما يوجه النداء الى العلماء والمثقفين الى التحدث والكتابة لكشف مفاهيم هؤلاء القوم المضللين فإنه يخص أهل الحل والعقد وهم الذين نضع على كواهلهم مسؤولية تنوير المجتمع والدفاع عنه وتمثيل شؤونه وشجونه، وهم المرآة التي تعكس هذه الشؤون والشجون وتبرزها لولي الأمر. ومن خلال ما يكتبون ويتحدثون يرى ولي الأمر مالا يرفع له من قبل الاجهزة الرسمية. ثم ان الدفاع عن مبادئ وسلامة الأمة واجب شرعي (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) والنصح لعامة الناس وخاصتهم. ولن نكون خير أمة أخرجت للناس إلا بمدى أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر. ومحور هذه المقالة تأكيد سموه على الصبر وان الحزم المطلوب من ولي الأمر بحكم مسؤوليته عن الحفاظ على أمن وسلامة الوطن بشموليته. حزم عاقل واثق من أمره. يمتثل الرد وفق الحاجة ويعفو عند المقدرة، وعندما قال سموه سنصبر ولكن الى حد ما، فهي اشارة حكيم ليس فيها ضعف ولا تخاذل وليحذر العابثون من غضب الحليم.! ولي رسائل مختصرة أبعثها عبر النقاط التالية: أولا: ليعلم المرجفون على مختلف مشاربهم انه مهما ظهر على السطح من منغصات وأفعال نشاز ومظاهر ارباك أو ارتباك فإن الأمة مجمعة اجماعا لا يشوبه ضعف ولا خور على ثوابتها الراسخة بإذن الله وبعونه وقوته ثوابتها الدينية والجغرافية والسياسية والتي نرمز لها بكلمتي "الدين والوطن" وهذه الثوابت قامت عليها وحدتنا والتأم بها شملنا وسارت بها نهضتنا ونحن واثقون بعون الله من ازدهار مستقبلنا ما دمنا متمسكين بها. فلا يخذل الفهم بعضهم بأننا سنساوم على هذه الثوابت فلن نحول مساجدنا الى خطب مخضوبية ولن نوقف حلقات تدريس كتابنا العظيم ولن نخلع حجب نسائنا ولن نوقف حدود الله ولن يكون غير كتاب الله وسنة رسوله مصدرا أساسيا لقوانيننا وتشريعاتنا، ولن يحمل العموم جريرة النشاز وهكذا ليخب ظن الطامعين فالأمة ملتفة حول ثوابتها واننا بعون الله كجبالنا ونخلنا وصحرائنا صامدون أمام العواصف والأنواء المغرضة. ثانيا: إلى هؤلاء القوم؟! اتقوا الله في أنفسكم وأمتكم لقد والله شوهتم سمعة المسلمين وعققتم مبادئ دينكم، على أي دليل استندتم في نزع أرواح أناس غير محاربين؟ دخلوا بلدنا بعقود وإذن من ولي الأمر ورب العمل.. مدنيون لم يرفعوا السلاح ولم يكونوا في جبهة حرب، إن الله حرم الظلم على نفسه وحرمه على عباده. ثم إن الله حرم قتل النفس (أي نفس) بغير حق. وأين أنتم من حرمة دم الذمي أو المعاهد؟ ان كنتم ترون أن هذا طريق الاصلاح فقد ضللتم الطريق ورب الكعبة وان كنتم تظنون أنكم تطبقون الشرع فقد خاب الظن وخسر. حاشا لله أن يأمرنا ديننا بقتل الأبرياء.. أهكذا يكون سلوك المسلم يأتي الى الغريب المقيم في بلده فيسأل هل أنت مسلم فإن قال لا قتلتموه بدم بارد وبكل قسوة وهمجية وبلادة؟!. نحن تعلمنا في ديننا أن المعاهد في ذمة رسولنا. ونتلو في قرآننا أن الله كرم بني آدم وحرم قتل الناس إلا بالحق فبأي حق أزهقتم روح المسلم والمعاهد؟ أهكذا يكون الجهاد؟! هل ان اخراج المشركين يكون بالقتل والتفجير وتكفير المجتمع واستباحة الأمن وازهاق أرواح الأبرياء من المعاهدين ومن المسلمين؟! أرأيتم أنكم بأعمالكم هذه أعطيتم العدو الحجة وزودتموهم بالعدة وسترتم عيوبه وبررتم فظائعه وغطيتم جرائمه..؟! ثالثا: الى ولاة الأمر: نعم يا أبا متعب نريدكم أن تصبروا والواثق من الحق لايدفعه عمل الأحمق، والحليم لا يستفزه طيش الجاهل. ان هؤلاء مع عظم ما يفعلون فهم مغرر بهم! لقد ساقهم ضعف افقهم وحماسة شبابهم وحماقة من يبرر لهم الى أن يرتكبوا المنكر وكأنه الحق! لقد استغل مضللوهم عاطفتهم الدينية وحماس شبابهم فأوهموهم بأن ما يقومون به مبرر شرعا واستغلوا ظاهر النصوص ومتشابهها ليقنعوهم بأن ما يفعلونه خير لهم في حياة أو ممات!! ان هؤلاء الشباب ينفذون أفعالهم باقتناع تام بشرعيتها مع الأسف!! هذا نتيجة تقوقعهم على حلقات سرية وحصر مصادر معلوماتهم على أناس اما أساؤوا النية أو أساؤوا الفهم أو جمعوا الاثنين معا. ان هؤلاء الشباب مرضى فهم أخذوا العدوى مع الأسف من مرضى فكر فما بهم مثل أي من الأمراض المستعصية بل أشد وهم في أمس الحاجة الى العلاج النفسي والفكري. وكما ان لكل مرضى متخصصين فإن مرضى الفهم والفكر لابد له من متخصصين مهرة لعلاجهم ومداواتهم. والدراسة العلمية لهذه الظاهرة النشاز في مجتمعنا أمر ضروري فلا يمكن وصف العلاج ما لم يفند المرض ولا مناص من معرفة المسببات وبأساليب علمية بعيدة عن التخرصات والتحليلات الظاهرية وكما قال عز وجل (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) . وكما قلتم سمو الأمير حسبنا الله ونعم الوكيل! والمحتسب بالله رحيم والمتوكل عليه قوي حليم. رابعا: الى العلماء: ان عليكم واجبا شرعيا كبيرا جدا في تنوير هؤلاء خاصة وبقية الناس عامة. وأنتم الأقدر والأقرب الى نشل هؤلاء الشباب من ضلالتهم واعادتهم الى الفهم السليم لمقاصد الشريعة. هناك شبهات ومفاهيم لدى هؤلاء اسندوها (حقا أو باطلا) الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية. واستشهدوا بأحاديث نبوية وأحداث تاريخية.. مفاهيم رسخت في عقولهم وقلوبهم لدرجة أن الواحد منهم استباح قتل النفس وقتل نفسه على أنه شهيد وان ما يفعله تحقيق لنص شرعي ورضى للرب واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد لاحظت على كثير من المشايخ وفقهم الله سواء من خلال الاعلام المرئي أو المسموع أو المقروء الردود التي يغلب عليها أسلوب الوعظ والتقريع ومع جل تقديري فإن هذا المنهج غير مؤثر ولا يؤدي الى النتائج المرجوة. بل على العكس نحن وهذه الفئة نريد نهجا علميا هادئا يقوم على ايراد الشبه مع استدلالهم هم على صحتها ومن ثم نقضها علميا يستند على النص وأقوال أهل العلم ولكل شبهة على حدة تفصيلا مؤصلا. اننا في حاجة الى كشف هذه الشبهات وتمحيصها على ضوء المنهج العلمي الشرعي ثم نقضها وتبيان ضلالة استدلالهم. وهذا الأمر مطلوب جدا ليس لهداية افراد هذه الفئة بل الى وقاية وحصانة شباب الأمة من سوء الفهم والاستنتاج لظواهر بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وبعض الأحداث التاريخية. ليس كافيا أبدا مجرد استهجان آرائهم ولا نفي الصيغة العلمية عنهم وعن مشايخهم. الناس والشباب ذكورا واناثا يحتاجون الى طرح هذه الشبهات وتمحيصها علميا ثم بيان المنهج الشرعي وما عليه الجمهور... الخ. خامسا: نحن أيضا وبنفس القوة المشار اليها في الرسالة الأولى. نعي بأن لنا تجربة تنموية مرت فيها من الانجازات ما نفخر ونفاخر به واعتراها من الأخطاء ما اعتراها وشابها من العيوب ما شابها ونعي بأن علينا ألا نقف عند ما أنجزناه بل واجب علينا مراجعة أخطائنا وكشف مواطن الخلل بشفافية أمينة وآمنة يحميها القانون ويعضدها حماية ولي الامر لدعاة الاصلاح وتحت مظلة ثوابت ديننا ونظامنا السياسي، ان مصلحة الأمة يجب أن تعلو على أي مصلحة والوطنية ليست حصرا على أحد ونزعة الاسرة والقبلية والاقليم يجب أن تخضع وتحكم لمصلحة الامة ومستقبلها وان تذوب في مجموع الوطن. سادسا: على أي مسؤول حمل الأمانة وشرف أو كلف بها أو تشرف بها أن يؤدي حقها فيعطى الصلاحية ويحمل المسؤولية وإلا فليتركها لمن هو أكفأ منه. ولهذا فإن تفعيل الأجهزة الرقابية ورفع الحصانة عن الادارات والأجهزة الحكومية بات من ضرورات المرحلة. الدولة شيء والحكومة شيء آخر والتطرف مرفوض دينيا أو دنيويا. ولي الأمر عين حكومة واسند مسؤولية مؤسساتها الى أفراد يفترض فيهم الأمانة والكفاءة وولي الأمر عليه أمانة اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وعلى ولي الأمر اعطاء الصلاحية الكافية لهذا المسؤول وكذلك دعمه وحمايته لأداء واجباته وفق مصلحة الأمة وحدود مسؤولياته. وبعد هذا فعلى هذا المسؤول تحمل مسؤولياته سلبا وايجابا. والحاكم لديه أجهزة رقابية رسمية عليها واجب مراقبة تنفيذ الاجهزة الحكومية لمسؤولياتها وفق صلاحياتها وما يتفق ومصلحة الأمة وعليها واجب الرفع بكل فعالية وأمانة لولي الأمر ما يتم على ارض الواقع. ولكن هناك جهات رقابية هامة جدا ولها دور اكثر فعالية وشفافية من دور الاجهزة الرقابية الرسمية ألا وهي الرقابة العامة الشعبية الممثلة في الاعلام بكل أنواعه والمنظمات والجماعات المهنية والمجالس التشريعية مثل الشورى والمجالس البلدية والافراد والعلماء. رئيس مجلس إدارة مروميكس سعيد بن مصلح القحطاني