الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين, وبعد: فان ما وقع في البلاد من تفجيرات وسفك للدماء, امر عظيم قد آلم كل مؤمن ومؤمنة على وجه الارض, كيف لا؟ وهو استهداف لهذه البلاد التي يجب ان تكون اقوى بلاد العالم في الامن والاستقرار لوجود بيت الله فيها الذي جعله الله مثابة للناس وامنا, وهي معقل الاسلام في هذا الزمان, فاننا لا نعلم دولة على وجه الارض تطبق احكام الله تعالى كهذه البلاد ولله الحمد والمنة. عجبا لهؤلاء الذين قاموا بهذا الاجرام ماذا يريدون؟ أيريدون توحيدا؟ فبلادنا بلاد التوحيد لا شرك ولا ابواب شرك فيها ولا غير ذلك مما يعبد فيه غير الله. أيريدون تطبيق الحدود؟ فبلادنا تطبق الحدود كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فالقاتل يقتل والسارق تقطع يده والشارب يجلد, واقرب دليل على هذا ما تقوم به وزارة الداخلية من تطبيق حكم القصاص على الجناة. أيريدون قضاء شرعيا؟ فدستورنا هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والرجوع اليهما في كل قضية, لا قوانين وضعية تطبق, ولا احكام عرفية يلتفت لها الا ما دل الشرع على جواز الاخذ به. أيريدون امرا بالمعروف ونهيا عن المنكر؟ فلا يوجد في اي بلاد من بلاد المسلمين هيئة حكومية للحسبة كما في بلادنا ولله الحمد. ونحن لا ندعي الكمال في بلادنا, فالنقص موجود في كل بلاد ولكن يكفي اللبيب العاقل ان يتجاوز عن السيئات لما يرى من غلبة الحسنات لاسيما وقد وجد اعظم الحسنات وهي حسنة التوحيد واقامة شعائر الله كالصلاة والحج والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها. يقول سماحة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في خطبة له بعد حادث التفجير في الرياض عام 1417ه: (واننا وغيرنا من ذوي الخبرة والانصاف ليعلم ان بلادنا خير بلاد المسلمين اليوم في الحكم بما انزل الله وفي اجتناب سفاسف الامور ودمار الاخلاق.. الى ان يقول: فهل يليق بناصح لله ورسوله والمؤمنين ان ينقل الفتن الى هذه البلاد, الا فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا وليفعلوا فعلا حميدا) انتهى كلامه رحمه الله. ولاشك ان من قام بهذه الفعلة المشينة انهم فئة باغية ضالة قد حادوا عن الصراط المستقيم, وسول لهم الشيطان اعمالهم فرأوها حسنا, وفعلهم هذا واجرامهم قد احتوى على مفاسد عظيمة كثيرة, كل واحدة منها هي اعظم من اختها ومن هذه المفاسد: اولا: قتل النفس, وقتل النفس من اعظم الكبائر, يقول الله عز وجل (ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما) بل ان قاتل نفسه في النار كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجا بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا, ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا, ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم مخلدا فيها ابدا) رواه مسلم. @@ ابراهيم السليمان