دعت دراسة اقتصادية الدول العربية الى الاسراع في جهود الانفتاح الاستثماري على الاسواق الدولية لاسيما من خلال زيادة معدلات ملكية الاجانب في المشروعات الاستثمارية والاقتصادية وخصخصة قطاع الخدمات العامة. واكدت الدراسة التي اعدها اخيرا اتحاد المصارف العربية اهمية فتح المجال امام خصخصة قطاع الخدمات العامة بما يسمح بدخول شركاء اجانب استراتيجيين الى هذه القطاعات وفتح الاسواق المالية العربية على الاستثمار الاجنبي غير المباشر (المالي) اي استثمارات المحفظة المالية. واثنت في هذا الاطار على تجربة مجلس التعاون الخليجي على صعيد تشجيع الاستثمار البيني المباشر وغير المباشر باعتبارها تصلح بتوجهاتها العامة نموذجا يحتذى به في هذا المجال في الدول العربية كافة. الا ان الدراسة رأت ان تجربة مجلس التعاون الخليجي مازالت دون الطموحات الوطنية حيث لم تشهد هذه الدول تبادلات استثمارية بينية كبيرة خلال السنوات الماضية, مشيرة في الوقت نفسه الى ان جهود تحرير الاقتصاد الوطني على مستوى الدول العربية عموما لم تحقق نتائجها الكاملة بعد على الرغم من ان المنطقة عموما حققت بعض التقدم على صعيد تحرير اقتصادياتها الوطنية. وذكرت الدراسة انه لاتوجد صورة واضحة لاتجاهات هذه التحركات بالنظر الى التفاوت الحاصل بين عموم دول المنطقة تبعا للظروف الاقتصادية العامة لكل دولة, اضافة الى ان سياسات اعادة الهيكلة الاقتصادية في دول المنطقة عموما لم تحقق التنويع الاقتصادي المطلوب. وافادت ان اسهام قطاع النفط في الناتج المحلي الاجمالي لايزال اكثر من الثلث في دول مثل عمان وقطر والكويت والسعودية علاوة على ان ايرادات النفط والغاز كنسبة من ناتج مجموعة الايرادات العامة الفعلية تتراوح بين 60 و 70 بالمائة في دول مجلس التعاون الخليجي فيما لاتزال حصة الصادرات غير النفطية كنسبة من مجموع الصادرات في دول المجلس ضعيفة, كما ان الصادرات غير النفطية تراوحت في احسن الاحوال بين 15 و 30 بالمائة وان هذه المؤشرات تعني ان الاقتصادات العربية ذات التنويع الاقتصادي الضعيف نسبيا كدول مجلس التعاون الخليجي عموما اكثر تعرضا للتذبذبات الاقتصادية بفعل التطورات الدولية في قطاع النفط العالمي وقطاع الطاقة العالمي عامة, حيث دعت الدراسة الى مواصلة سياسات التنويع الاقتصادي في الدول العربية ذات البنية الاقتصادية الاحادية او الثنائية الجانب (النفط او الغاز) من اجل تعميق هذه البنية وتنويع مصادر الدخل الوطني والصادرات الوطنية والايرادات الحكومية تدعيما لخطي عملية النمو والتنمية في اقتصاداتها الوطنية, كما ان عملية تحسين ادارة برامج الاصلاح الاقتصادي في الجانب النقدي تتضمن تعزيز كفاءة وفعالية السياسة النقدية في الدول العربية واعطاء دور اكبر لعوامل السوق بحيث تتزايد جهود السلطات النقدية العربية لتدعيم التوجه نحو استخدام الادوات غير المباشرة في ادارة السياسة النقدية. وتطرقت الدراسة الى ان تحسين اداء برامج الاصلاح الاقتصادي في جانب اسواق الاوراق المالية يتضمن ايضا مواصلة الجهود العربية لتطوير وتحديث هذه الاسواق وتحسين ادائها بغية زيادة كفاءتها في حشد الموارد وتعزيز قدراتها التنافسية في اجتذاب الاستثمارات الاجنبية وفي توفير التمويل طويل الاجل للقطاع الخاص لتمكينه من القيام بدوره المنشود في عملية التنمية, مشيرة الى اهمية مواصلة السياسات الرامية الى تطوير الاطر التشريعية والتنظيمية لاسواق الاوراق المالية خاصة تحديث القوانين الراهنة وانشاء هيئات للاسواق المالية وتحديث انظمة التداول سعيا لاقامة انظمة الكترونية بالكامل وتحديث انظمة التسوية والحفظ المركزي. واكدت الدراسة ضرورة ان تواصل الدول العربية بذل مزيد من الجهود لتعميق الاصلاحات المالية الجاري تنفيذها خاصة لناحية سعيها لضبط الموازنة وتنفيذ الاصلاحات اللازمة لذلك وتنويع مصادر الايرادات الحكومية. واضافت انه يدخل في اطار وتعميق الاصلاحات المالية في الدول العربية استهداف تقليص دور الحكومة في الانشطة الاقتصادية من خلال الاعتماد على آليات اقتصاد السوق وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد والتركيز على المساعي الهادف لانتهاج سياسات مالية اكثر عزما في خفض العجز وتمويله عبر مصادر الادخار الحقيقية وربط الاقتراض الحكومي بالحاجة الانمائية للانفاق العام وضبط معدلات نموه. واشارت ايضا الى ضرورة ان تهدف السياسات المالية الى عدم مزاحمة القطاع الخاص وتوفير المزيد من الموارد المتاحة له لتمويل انشطته الانتاجية والاستثمارية مع تفادي ارتفاع تكلفة الاقتراض الذي سوف ينعكس بدوره في تباطؤ الطلب المحلي وانخفاض النمو الاقتصادي.