تتناقل وسائل الإعلام، منذ عدة أشهر، أنباء تفيد أن حزب "العمل" يجري مفاوضات سرية حول إنضمامه إلى الحكومة. إنها أنباء شريرة، تفتقد إلى أي أساس من الصحة. وفي كل أسبوع، يستضيف أحد البرامج الإذاعية الصباحية، رئيس المعارضة المكافحة، شمعون بيرس، ليقوم بتكذيب هذه الأنباء باشمئزاز. ويشعر كل من يستمع إليه بالذنب: فلماذا ينكلون بهذا الرجل الغالي، لماذا يستصعبون تصديقه عندما يوضح أنه ليس معنياً بأي منصب وزاري. إنه، مثلاً، لا يولي أي اهتمام خاص بمنصب وزير الخارجية. لقد كان عضواً في كل الحكومات، شغل كل المناصب. إنه أكبر من ذلك، ولا يهمه أي شيء باستثناء مصير العالم والدولة، إنه لا يقرأ حتى التصريحات الهراء التي يُكذبها. بين الحين والآخر، يطلق حاييم رامون، المفاوض باسم بيرس، وأوري شنيه، المفاوض باسم شارون، وحسب مزاجهما، والفائدة المتوخاة من ذلك، ثرثرة ما حول الاتصالات بينهما. وقد صدقتهما الصحف، الشريرة، ولم تصدق بيرس. عندما كان شارون يُسأل عن الاتصالات كان يظهر على وجنتيه بعض الاحمرار العذري، كما تفعل الفتاة التي تحتفل بحبها الأول. أما بيرس فيتمسك بموقفه، مكرراً عدم قيامه بإجراء أي مفاوضات مع هذه الحكومة "السيئة". أما الآن، وبعد أن أصبحت المفاوضات علنية، فقد آن اوان الاعتذار لبيرس. لقد اشتبهنا به عبثاً. لم تكن هناك أي مفاوضات، ولا توجد الآن، أيضاً. عملياً، لقد فكر بيرس ملياً، عندما التقى شارون، أمس، فمن أين يعرفه. لقد مرت الكثير من السنوات منذ تبادلا أي محادثة ملموسة. لقد انقض أحدهما على عنق الآخر (ما جعل حراسهما يقفون على أهبة الاستعداد)، ومن ثم أعلنا لاحقا، وبفخر، مدى نجاح الأولاد.إذا كان هناك، في الدولة والمهجر (سيلفان شالوم؟) من لا يزال يشكك، فلدى بيرس الجواب القاطع، الجواب الذي سيسد أفواه المفترين عليه، إلى الأبد. سيعمل بيرس على إدخال حزب "العمل" إلى الحكومة، وسيكافح من أجل ترتيب مقاعد وثيرة وتأثير ملائم لوزراء الحزب، فيما سيبقى هو في الخارج. لقد شغل منذ عام 1969 - على مدار 35 عاماً- مناصب وزارية في كل الحكومات التي كان حزب "العمل" شريكاً فيها. لقد مل المناصب الوزارية. هناك حد لما يمكن للشعب والوطن طلبه من شخص بلغ ال 81 من العمر. سيرتاح على كرسيه في الكنيست ومن هناك سيروض الشبان، أبناء الستين من العمر، الذين سيرسلهم إلى طاولة الحكومة. سيسير هو على طريق مئير يعاري، الذي كان الزعيم التاريخي لحركة "مبام" وأول ممثل لها في الكنيست، لكنه أودع أضواء المناصب الوزارية بأيدي آخرين. سيقول لهم بيرس: انتم ستذهبون إلى الحكومة، أما أنا فسأواصل التحليق بين حفلات بلوغ الأولاد، فهذا ما يجعلني سعيداً. لكن الأمر الوحيد الذي يوقفه هو المسؤولية عن مصير الأمة. يمكن للقارئ أن يضحك - هناك من القراء من يجعلهم مصير الأمة يتضاحكون - لكن هذا هو جوهر المسألة ولا شيء سواه. لقد بدأ التراكض بين شخصيات إسرائيلية وأجنبية ووعدها بأنه سيقوم مع أبو العلاء، بتقييد عرفات. لقد باتت الخطط جاهزة، وأبو العلاء قال إن كل شيء على ما يرام، سيغمز الأميركيون، سيمارس الرباعي الدولي الضغط، وستقدم بعض الحكومات الأوروبية الدعم المالي. لقد أصبح السلام جاهزاً بانتظار اليوم الذي سينضم فيه حزب "العمل" إلى الحكومة. إذا كتب عليه التضحية بنفسه، فسيفعل ذلك. سيفتري المفترون، ستذمه الصحف، سيروج رفاقه، الذين سيعلقون في الكنيست، الأكاذيب الحقيرة ضده، لكنه سيفعل ما يراه مناسباً. لقد سخر الكثير من صغار الأمة بمصطلح"ضحية السلام" الذي ولده اللقاء بين الإرهاب وأوسلو. لكنني أنا، شمعون بيرس، هو الضحية الحقيقية للسلام. @@ عن يديعوت احرونوت