في الحلقة الأولى من هذا المقال الذي خصصته لتعريفات حسابات تويتر، انصب حديثي على نماذج من العبارات التي دونها الدعاة والعلماء والمشايخ على أغلفة صفحاتهم، ووعدتكم أن نخصص الجزء الثاني لفئة أخرى، حيث ستكون معنا نماذج من تعريفات الأدباء والكتاب، وهي لا تقل في طرافتها أو غرابتها عما رصدناه في الحلقة السابقة، بل ربما سنواجه هنا عبارات لافتة وجدلية، ولكننا لا نزال نؤكد على أنها تعبر عن وجهة نظر اصحابها، طالما هي مساحة حرة وفرها البرنامج لمشتركيه. الأديب يعتبرها فرصة لإيصال نصوصه إلى الآخرين سأبدأ بقراءة عامة لتعريفات الأدباء والكتاب لاسيما في جانب نسقها المهيمن عليها، فهذه الفئة كما سنلاحظ تحرص على عدم وضع تعريف مباشر ورسمي، يخص المهنة أو التعريف بالمجال الإبداعي الذي يزاول الكتابة فيه، إنما تستثمر مقاطع النصوص الإبداعية، من شعر وسرد لتدبيج التعريفات، وهو أمر متوقع، فالأديب يعتبرها فرصة لايصال نصوصه إلى الآخرين، وبالفعل جاء الاستثمار معنيا لذاته كما في النماذج التالية. سأبدأ عربيا بالروائية غادة السمان التي كتبت على غلاف صفحتها "أنا حمامة وديعة، ترفرف مزهوة بثوب الحرية الناصع، أنا امرأة الغاضبين، وأنا امرأة المعترضين، كل إنسان يتعذب في هذه اللحظة في أي مكان هو صديقي"، ولا يبتعد الروائي السعودي المعروف تركي الحمد عن النسق العام للأدباء فيستحضر في افتتاحيته بيت شعر شهير للشاعر العباسي علي بن الجهم: "كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا ... يؤذى برجم فيعطي خير أثمار". في مسار آخر لم يكن بعيدا عن سابقه جند المفكر الكاتب ابراهيم البليهي عبارته الافتتاحية لتفكيك بنية الجهل، تبعا لاشتغالاته المعروفة، فكتب معرفا بنفسه: "يعمل في تحليل وتفكيك بنية الجهل المركب، وتأسيس علم جديد لكشف هذه البنية الفظيعة، فالجهل المركب ليس عدما أو فراغا، بل بنية صلدة"، وهي في ظني عبارة جادة وعميقة للغاية، يقابلها نمط ساخر ولطيف وموحٍ أيضا، كعبارة الكاتب والناقد محمد العباس الذي مزج الجد بالهزل، حتى وإن لم يخلُ تعريفه الشخصي من إلماحة لسيرته الذاتية، فهو "ناقد وكاتب من السعودية، مهتم بكل ما ينتج المعنى، يتدخل فيما لا يعنيه، صاحب نظرية (وبعدين!!!)، متزوج من شاعرة الأيقونات هيلدا اسماعيل"، وهو أسلوب يتكرر كثيرا في تعريفات المبدعين، فالروائي سعيد الوهابي يذكرنا في تعريفه، بأنه "أحد الرجال الذين لم يدخلوا الرياض مع الملك عبدالعزيز". عبارات حسابات الكاتبات السعوديات تنطلق صوب قضية إثبات وجود المرأة السعودية، وتوجيه الرسائل المناسبة، فحليمة مظفر "امرأة سعودية تسكن سماء ليست زرقاء، وتؤمن بأن الإنسان أولا .. صحافية وكاتبة لزاوية كلاكيتيات بالوطن السعودية"، بعدها تترك ملاحظتها الأهم بقولها "ملاحظة: الرتويت لا يعبر عن موافقتي دائما"، وللكاتبة أمل الطعيمي حقيقة ذات بعد إنساني خالص حرصت على تأكيدها حين كتبت "إذا لم أكن هنا على حقيقتي، فلن أكون كذلك في أي مكان آخر". بعض كتابنا اعتبر هذه السمة اللطيفة في البرنامج فرصة لتوجيه رسالة ذات بعد تنويري، ولا أكثر من الناقد عبدالله الغذامي احتفاء بمثل هذا الغرض في تعريفه، فالعبارة الطويلة التي دونها لا علاقة لها بالتعريف الشخصي، بل برسالة حياة وتنوير مجتمع، فيقول: "سموا أنفسكم مستقلين، كونوا دعاة سلام ومحبة، قولوا بحرية التفكير والتعبير لمخالفيكم قبل أنفسكم / قل رأيك (ولا تبالي) شرط أن تقول هو رأيي أعرضه ولا أفرضه". تويتر @Samialjuman