بين فينة واخرى نشم رائحة عقوق كريهة تفوح هنا او هناك!!! عقوق أمة تتمثل في عقوق لغتها الخالدة.. ولا غرابة في ذلك.. فكم على الأرض من خضر ويابسة وليس يرجم إلا ما به ثمر فإذا علمت أن حافظ ابراهيم رحمه الله قال تائيته الشهيرة في بداية القرن الماضي وبالضبط في عام 1903م ستعرف مدى تجذر الحقد الدفين على لغة القرآن الكريم. من ذلك نقول: انه ليس بدعا ان ينعق ناعق وينهق ناهق من أمثال يوسف الخال وأدونيس وأمثالهما ممن نادى بإسقاط النحو العربي وكتابة العربية بالحروف اللاتينية وفرض قصيدة النثر على الشعر العربي الجميل. وهاهو التاريخ يعيد نفسه.. فبعد قرن من الزمان يتصاعد صوت (شريف الشوباني) رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة المصرية ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي ليطرح في المكتبة العربية كتابه المسموم آسف الموسوم ب(تحيا اللغة العربية ويسقط سيبويه) الذي يعلن فيه بكل صراحة أن نفرق بين القرآن الكريم واللغة العربية بحجة أن 81% من المسلمين لا يعرفون العربية. فيدعو من خلال صفحات كتابه الذي خلط فيه السم بالدسم بفك الارتباط بين اللغة العربية والقرآن الكريم. بحجة تطوير اللغة العربية حتى تجرأ وقال: ان اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي لم تتطور قواعدها قيد أنملة منذ 1500 سنة مما جعلها سببا مهما في تخلف ورجعية العقل العربي مطالبا بالتحرر من العديد من قواعدها حتى يمكن مسايرة الأحداث والتطورات.. مركزا على الغاء البلاغة التي لم تعد مناسبة لروح العصر على حد قوله. ولقد أعجبتني مداخلة الدكتور حمدي حسن حينما قام أمام وزير الثقافة فاروق حسني في مجلس الشعب المصري مستنكرا هجوم الشوباني على اللغة العربية هذا الهجوم الذي طعن في ثرائها في كلماتها ومترادفاتها فقد هاله أن تصل كلمات العربية الى مليون و900 الف كلمة.. في حين أن الانجليزية لا تزيد على ربع مليون كلمة ولا تزيد الفرنسية على 300 ألف كلمة مما جعله يزعم أن ذلك تعقيد في اللغة.. ان اللغة العربية وهبها الله تعالى عبقرية ذاتية تصد بها عن نفسها أمثال عدوان هذا الشوباني وان ضعف الشوباني وعدم تمكنه من بلاغتها لا يضعفها ولا يصمها بالرجعية والجمود فستة قرون من عصور الانحطاط لم تعكر من صفائها ولم توصلها الى حالة الاحتضار ولم تصطدم في عصرنا المتسارع نحو التطور بتكنولوجياته بل دخلت في كل شيء.. فهي في الحاسب الآلي والتلفون الجوال والتلفزيون وغير ذلك.. فما عاقها ذلك.. وإن جاءت ضعيفة في كتب من كتب بها أو على لسان من تكلم بها أو بعضهم فإنها قوية بقوة الله تعالى القوي المتين الذي اختارها بعلمه وحكمته فأنزل بها خير كتبه الذي يتعبد به الى يوم الدين فلا صلاة لمن لم يقرأ في صلاته بالقرآن الكريم وباللغة العربية. فماذا يريد هذا الشوباني وأمثاله من هذا الهجوم على لغة أمتنا لغة ديننا؟ إنني أقف حائرا أمام مثل هذه الدعاوى المغرضة ويزيدني حيرة ودهشة وحزنا أن هذا الشوباني وأمثاله من أبناء جلدتنا.. وجزى الله الدكتور حمدي خيرا حين قال: (إنه غاب على المؤلف أن اللغة العربية تختلف عن باقي لغات العالم لأنها حفظت القرآن الكريم الذي شرفها وقدسها الى يوم القيامة وقوة العربية ليست من أهلها ولكنها لغة القرآن الكريم وأكد ان مشكلة هذا الكتاب انه يهاجم اللغة العربية بخطاب المستعمر رغم انه يصدر عن الهيئة الثقافية الرسمية في مصر وان صاحبه مسؤول كبير في هذه الهيئة). وهذا هو بيت القصيد ومربط الفرس. والله المستعان على ما يصف الشوباني ومن تشبه به أو مشى على نهجه.