رغم استياء كثير من الافريقيين للصورة التقليدية لقارتهم في الاذهان كمكان تنتشر فيه الحروب والمجاعات ومرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) إلا أن جدول أعمال القمة الافريقية التي بدأت أعمالها في أثيوبيا امس يؤكد هذه الصورة. وينتظر أن يستمع زعماء القارة لتقارير من الاتحاد الافريقي عن الحاجة إلى تشكيل قوة أفريقية لحفظ السلام ومدى التقدم في محاربة مرض الايدز ومحاولات تقليص الفقر في القارة التي يعيش 80 في المئة من سكانها على الزراعة. وتحولت منظمة الوحدة الافريقية قبل ثلاث سنوات إلى الاتحاد الافريقي الذي يضم 53 دولة. وكان تغيير الاسم محاولة لاظهار أفريقيا في ضوء جديد كقارة يتولى فيها الحكم زعماء منتخبون بأسلوب ديمقراطي ويخططون للمستقبل. ورغم ذلك فما زالت المشكلات القديمة التي تواجه القارة لم تتغير رغم تغيير الاسم، فمازالت الحروب قائمة في السودان والصومال وبوروندي وكوت ديفوار واتفاقيات السلام هشة في دول مثل الكونغو وليبيريا. كما شهد العام الماضي انقلابات أو محاولات انقلاب في أفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية وساو تومي وموريتانيا.كما ساد التوتر بدرجة كبيرة عبر الحدود بين عديد من الدول منها إثيوبيا التي تستضيف القمة وجارتها اريتريا التي رفضت المشاركة في القمة. ولا تتجاوز مساهمة أفريقيا في النشاط الاقتصادي العالمي واحد في المئة فيما يعيش فيها 13 في المئة من سكان العالم. ويعيش أربعة من كل عشرة من سكان القارة على أقل من دولار واحد يوميا كما أن فيها نحو 40 مليون مريض بالايدز ويموت مليون من أطفالها سنويا بسبب الملاريا. وكان الفقر والصراعات والصحة الموضوعات الرئيسية الثلاث التي ركز عليها الامين العام التنفيذي للاتحاد الافريقي ألفا عمر كوناري في كلمته الافتتاحية أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الاسبوع الماضي. واعترف كوناري بأن "الاجندة الافريقية لا يمكن أن تتسم بالطموح إلا بما يتناسب مع التحديات الكبيرة التي تواجه قارتنا". ومن المقرر أن يطرح كوناري على القمة اقتراحات مهمة تتعلق بمستقبل الاتحاد الافريقي، حيث تستعرض الاقتراحات التي تحمل عنوان "الخطة الاستراتيجية" عمل المنظمة ومهامها كما تؤكد أن أفريقيا تواجه احتمال إغفالها وسط موجة العولمة الاقتصادية. وتدعو الخطة الزعماء الافارقة إلى "بناء أفريقيا متحدة وأفريقيا مزدهرة ويسودها السلام ويقودها مواطنوها وتمثل قوة نشطة على النطاق الدولي"، لكن العقبة الرئيسية لوضع هذه الخطة موضع التنفيذ هي التمويل المطلوب والذي يبلغ نحو 2ر1 مليون دولار وهو مبلغ كبير بالنسية للقارة التي تفتقر إلى المال بالفعل حاليا. ومن أهم العناصر تكلفة في خطة الاتحاد الافريقي تشكيل جيش عامل قوامه نحو 15 ألف جندي للعمل كنوع من قوات "الرد السريع" لحفظ السلام في القارة. وتقدر تكلفة تشكيل مثل هذه القوة بنحو 600 مليون دولار ويقترح الاتحاد أن تتعهد الحكومات بتخصيص واحد من عشرة من ميزانياتها المخصصة للدفاع لادارة هذه القوة. وينظر كثيرون إلى كوناري على أنه رجل متمرس اكتسب احترام المجتمع الدولي قبل 10 سنوات عندما تولى الرئاسة في مالي في أعقاب انتخابات ديمقراطية. كما اعتبره المراقبون واقعيا وعمليا عندما أكد أن أفريقيا يتعين عليها اتخاذ الخطوات الاولى إذا أرادت الحصول على مساندة الغرب نحو التنمية. وقبل أن يمكن تنفيذ تلك الخطوات الاولى يتعين على الاتحاد الافريقي تسوية عديد من المشاكل في دوله، فحكومة السودان تعرضت لضغوط أمريكية لحملها على إنهاء أزمة هجمات المسلحين في منطقة دارفور. ومازال حكم الرئيس روبرت موجابي في زيمبابوي الشغل الشاغل لبريطانيا. وهناك دول غربية أخرى تنتقد بشدة غياب حقوق الانسان الاساسية في العديد من الدول الاعضاء بالاتحاد الافريقي. ويتوقع أن يلقي الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان كلمة خلال قمة الاتحاد التي تستمر ثلاثة أيام.