عُقدت في أديس أبابا الدورة ال 22 للقمة الأفريقية بمشاركة ممثلين عن دول الاتحاد الأفريقي كافة، باستثناء مصر، في سابقة هي الأولى من نوعها. فمصر لم تتخلف عن المشاركة في مؤتمرات القمة الأفريقية منذ أكثر من نصف قرن. وجاء غيابها على خلفية تعليق مجلس الأمن والسلم الأفريقي مشاركتها في أنشطة الاتحاد الأفريقي في ضوء تغير النظام الحاكم فيها بعد 30 حزيران (يونيو) الماضي، وهو ما اعتبر تغييراً غير دستوري يستوجب تعليق العضوية طبقاً لإعلان لومي عام 2000 الذي يرفض التغيير الجبري للأنظمة الحاكمة. وشارك في أعمال القمة ممثلو 53 دولة أفريقية، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وكذا وزيرا خارجية تركيا وإيران، فضلاً عن ممثل عن الأمين العام للأمم المتحدة. وعلى رغم أن القمة عقدت تحت شعار يجعل من العام 2014 عاماً للزراعة والأمن الغذائي، إلا أن ما شهدته القارة من أحداث أمنية وسياسية، أثَّر في جدول الأعمال، حيث استأثرت الأحداث بقدر كبير من الاهتمام، وهو ما أدى إلى وضع قضية الزراعة والأمن الغذائي على رأس الموضوعات التي ستناقش خلال القمة التي ستعقد في حزيران (يونيو) المقبل. وناقشت القمة تقرير مجلس السلم والأمن الأفريقي عن أنشطته وحالة الأمن والسلم في البلدان الأفريقية، والتي كان أبرزها تطورات الأحداث في جنوب السودان، الأوضاع الأمنية في جمهورية أفريقيا الوسطى، تقرير لجنة الحكماء برئاسة ألفا عمر كوناري عن تقييم الأوضاع في مصر بعد 30 حزيران 2013، تقييم الوضع السياسي والأمني في مالي، التحولات الجارية في كل من تونسوالصومال ومدغشقر والكونغو الديموقراطية. وأسفرت القمة عن تشكيل قوة أفريقية جديدة، وذلك بخلاف القوة الأفريقية الجاهزة، على أن تكون طوعية، بهدف التدخل السريع في الأزمات. كما أشادت القمة بالتطورات الإيجابية التي تشهدها تونس، وعودة النظام الديموقراطي في مدغشقر، والانتخابات الرئاسية في مالي، واستقرار الأوضاع الأمنية في شرق الكونغو، والتطور الإيجابي في الصومال. وأعرب المشاركون عن إدانتهم الأعمال الإرهابية التي تحدث في مصر وتضامنهم مع الشعب المصري، كما جاء في البيان الختامي للقمة تحذير المشاركين فيها من تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في كل من جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وأثر ذلك في الأمن الإقليمي. مجمل أحداث قمة الاتحاد الأفريقي يعكس حجم ما تعانيه القارة السمراء من مشكلات سياسية وأمنية تؤثر بالضرورة في فرص النمو فيها. ففي الوقت الذي تتركز النقاشات في التجمعات الدولية كافة على كيفية تحسين فرص النمو الاقتصادي وتحقيق الرفاهية للشعوب، وهي أيضاً من الأهداف الأصيلة للاتحاد الأفريقي، تتركز النقاشات التي تتم في تلك المنظمة الإقليمية على كيفية النهوض بالسلم والأمن في معظم بلدانها والتي تعاني مشاكل الفقر والجهل على رغم ما تمتلكه أفريقيا من ثروات. كما تعكس نتائج القمة أيضاً حجم ما تواجهه مصر من تربص داخل الاتحاد ووجود بعض الدول الأفريقية الراغبة في إبعاد مصر من المشهد. ففي الوقت الذي أسرع فيه مجلس الأمن والسلم الأفريقي إلى تعليق مشاركة مصر في أنشطة الاتحاد الأفريقي في أعقاب الثلاثين من حزيران الماضي، نجد الاتحاد لا يحرك ساكناً تجاه انتهاك أحد مبادئه الأخرى وهو «عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عضو»، حيث لم تتعرض أوغندا لأي عقوبات من الاتحاد الأفريقي نتيجة تدخلها السافر - وبقرار منفرد من دون علم الاتحاد - في جنوب السودان ولمصلحة أحد طرفي النزاع. * كاتب مصري