بعد أن هبط مريضه المكبل بالاغلال من طائرة هليكوبتر مرتديا خوذة وسترة واقية من الرصاص ونظارة سوداء كان الطبيب الامريكي متشوقا ليطرح عليه الكثير من الاسئلة. لكن ضباط وكالة المخابرات المركزية الامريكية /سي.اي.ايه/ حذروه من أن يوجه اي اسئلة للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بخلاف صحته بعد قضائه شهورا رهن اعتقال الولاياتالمتحدة. وقال الطبيب لرويترز أخبرنا بأن نلتزم بالفحص الطبي والا نطرح الكثير من الاسئلة. حقيقة لم أستطع مناقشة أي شيء اخر. كان محاطا بضباط وكالة المخابرات المركزية الامريكية. واضاف الطبيب الذي يعمل في المستشفى العسكري الذي يتولى علاج المصابين من القوات الامريكية والعراقيين الذين يواجهون خطر الموت أو بتر أحد الاطراف أو فقد الابصار صدام يعاني من مرض في القلب وهذا ليس بالامر الغريب بالنسبة لرجل في الثامنة والستين من عمره. وبوصفه واحدا من بين بضعة أشخاص رأوا صدام قبل مثوله امام قاض عراقي الاسبوع الماضي ألقى الطبيب الامريكي الشاب نظرة سريعة على الدكتاتور المخلوع المتهم بحفر المقابر الجماعية للالاف وتحدى الغرب لسنوات. وكان استخدام المستشفى ذي الارضية المصنوعة من الرخام ذات يوم مقصورا على صدام وأسرته وكبار ضباطه خلال رئاسته للبلاد التي استمرت 24 عاما ولم تستطع الا نخبة من بضعة أشخاص الاقتراب من المستشفى. ولا يزال هناك بون شاسع بين هذا المستشفى وعنابر المستشفيات العراقية الاخرى المثيرة للاشمئزاز التي تكتظ بضحايا التفجيرات واطلاق الرصاص من العراقيين في شتى أنحاء البلاد بعد 15 شهرا من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للاطاحة بصدام. وحين ذهب صدام الى هناك قبل ستة أسابيع فحصه أطباء امريكيون وقد ارتدوا ملابس الجراحة الزرقاء والزي العسكري المموه فيما كانت الموسيقى الشعبية تذاع عند المكتب الرئيسي فكانت الاجواء مشابهة لتلك التي نراها لغرفة الطوارىء كما تجسد في مسلسلات التلفزيون الامريكي. وقال الطبيب وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة حيث أصبحت الهجمات المتكررة على المعسكرات الامريكية أمرا معتادا ما أن وصلت الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقله حتى بدأت قذائف المورتر في السقوط. هبطت احداها بالقرب من المستشفى. كان يرتدي خوذة وسترة واقية من الرصاص وتلك النظارة السوداء. لا أعتقد أنه كان يستطيع الرؤية من خلالها. أظن أنهم كانوا يعتقدون أن أحدا قد يحاول خطفه. ومثل الملايين من مشاهدي التلفزيون الذين شاهدوا صدام في قاعة المحكمة الاسبوع الماضي لاحظ الطبيب على الفور أن الدكتاتور السابق الذي كان يسبح عبر نهر دجلة تباهيا بلياقته البدنية قد فقد كثيرا من وزنه خلف القضبان. وقال الطبيب وهو يملأ بعض الاستمارات في ليلة بطيئة الايقاع وضعوا له نظاما غذائيا يتكون من الارز والخضراوات فقط. وكانت لدى الطبيب حالتان ليتولى أمرهما احداهما لرجل يعاني ألما حادا في معدته والاخرى لعامل باكستاني يواجه خطر بتر أحد أصابعه. وقال الاطباء ان ابن صدام عدي الذي كان مرهوب الجانب وقتل في تبادل لاطلاق النيران مع القوات الامريكية في يوليو من العام الماضي كان قد خضع لجراحة في هذا المستشفى بعد أن حاول مسلحون اغتياله عام 1996. وبعد منتصف الليل مباشرة أخذ بعض الاطباء والاداريين يستخدمون أجهزة الحاسب في مكتبة مؤقتة فيما اصطف البعض الاخر في انتظار الحصول على بعض الدجاج وهو ما يختلف تماما عن العهد الذي كان يمكن لظهور صدام في المستشفى أن يبث الرعب في نفوس فريق العاملين به.