تركي الدخيل

ترى في منتديات الانترنت تعجبا عجابا, ولو قلت انك قد تقرأ فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لما بالغت كثيرا!
بالامس تنقلت في منتديات انترنتية, وواصلت حتى ساعات الصباح الاولى فرك عيني لحظة بعد اخرى لأتأكد هل المتهم في هذا الهراء, بصري ام افئدة من كتب؟!
يغلب طابع الارهاب على هذه المنتديات وهي تدعم من يسمون انفسهم بالمجاهدين, غير ان احد مصادر العجب التي لا تنقضي ان هذه المنتديات قد كتبت بأقلام القائمين عليها موضوعات تحذر روادها من الدعوة الى القتل, والتحريض على العنف, خشية الوقوع في مغبة اشكالات قانونية وقضائية, لكنها تمارس بشكل آخر تأييد قتلة الشوارع .
من غرائب هذه المنتديات انها كانت تدافع عن قوائم المطلوبين في قضايا الارهاب دفاعا مستميتا حتى سلم صعبان الشهري وعثمان العمري نفسيهما الى السلطات للاستفادة من مهلة العفو الملكي, فانقلب الدفاع هجوما, والتأييد المطلق معارضة شعواء, حتى وصل الحال ببعضهم الى اتهام صعبان وعثمان بأنهما من وشى بالمقرن ورفاقه للجهات الامنية!
لا تسأل عن المنطق في هذه الاطروحات, والا فكيف يقتل عبدالعزيز المقرن ومن معه في مواجهة الملز في الرياض ويستسلم العمري والشهري في مكانين متباينين في اقصى البلاد جنوبا على مسافة تزيد على الفي كيلو متر؟!
مجاهدو شاشات الانترنت يذكرونني بجمهور مدرجات كرة القدم وبالذات الدرجة الثانية. الفارق انك عندما توقف تصفح منتدياتهم لا تجد ظهرك الا وقد امتلأ بقشور الفصفص. والجامع بينهما هو ان الطنين سيملأ اذنيك بألفاظ السباب وعبارات الشتائم, على ان جماعة الدرجة الثانية يتميزون بأنهم يمارسون تمدنا بحضورهم مباراة, فيما يمارس اولئك تخلفا بالتحريض المقيت على القتل والسفك والنحر!
بعد ان ينتهي مجاهدو الانترنت من خوضهم, يغادرون ميادين القتال باغلاق كمبيوتراتهم ثم ينامون في بيوتهم قريري الاعين, وتبقى اللوعة والحرقة والالم في نفوس أهالي المطلوبين وذويهم, وهم لا يعلمون اي سماء تظل ابناءهم واي ارض تقلهم!