اهداء إلى جميع من شارك في الحوار الوطني الاخير في المدينةالمنورة تشع عيناها السوداوان بنظرات الازدراء البغيضة ثم يفتر ثغرها عن ابتسامة صفراء مزيفة وهي تقول: آسفة عزيزتي بيتك لا يقع في نفس الحي الذي تشرف عليه الجمعية.. اذهبي إلى الجمعية الخيرية التي تجاور بيتك.. تتدافع الشهقات داخل صدري وأكتم العبرات ويعجز لساني عن النطق .. تقف الكلمات عالقة بسقف حلقي لا أنا بقادرة على ابتلاعها ولا أستطيع ايضاً لفظها فأستريح .. أراها من وراء غلالة الدموع تتحدث مع أخرى تدعوها إلى مأدبة حافلة في الحجرة المجاورة.. أنكس رأسي بأسى ودموع الداخل تنثال دون حساب .. قبل أن تخرج التفتت إليً بلا مبالاة : هل تريدين شيئاً آخر .. عذرا لدينا احتفال الآن .. جمعت أشلائي وبقية من كرامة آفلة وغادرت جمعيتها .. كما غادرت العديد من الجمعيات من قبل خاوية الوفاض محطمة النفس مضعضعة الحواس .. ولا مساعدة تذكر .. أحاول أن أشرح .. أبين .. أصف الحالة المزرية التي نعيشها فلا نحن بشر ولسنا كلابا ضالة أيضاً .. زوجي مات في حادث منذ عامين وراتبه التقاعدي ضئيل لا يفي بمتطلبات الحياة .. وفوق ذلك فقد اقتطعت منه الوزارة نصيب ابني الأكبر بحجة أنه يعمل .. أحاول أن أصل للمسئولين لأقول لهم بأعلى صوت ان ابني لا يجني من عمله سوى راتب ضئيل وأن نصيبه من التقاعد نحن في أمس الحاجة إليه .. وتذهب محاولاتي أدراج الرياح .. ثم يقتطع نصيب الابنة الكبرى بحجة الزواج ولا يعود مرة أخرى بعودتها لأنها غدت مطلقة .. أذهب يوميا في لهيب الظهيرة وأعود كما أعود دائما بلا نتيجة .. نريد شهودا بأن ابنتك مطلقة .. اذهبي للمحكمة .. اذهبي لوزارة الشئون .. اذهبي للشئون الصحية .. نريد تقارير تثبت مرضك واعاقة ابنك الصغير .. لابد من وكيل شرعي و..و.. ويدور رأسي وأدور معه .. ماذا أفعل أنا وابن واحد يعمل وسط عشرة أبناء وأحفاد لا يعملون بينهم المطلقة والمعاق والعاطلون .. ابتلع الزفرات الحارقة وأنا أتذكر أنني رغم راتب التقاعد البخس وحفنة النقود التي يتسلمها ابني نهاية كل شهر وعائد بضاعتي البسيطة التي أدور بها على بيوت الجيران لم أستطع أن أوفر لعائلتي وجبة عشاء البارحة .. الثلاجة لا تحوي سوى علب الماء البارد والمطبخ يدوي بفزع إلا من بضعة أوان فارغة والمخزن بدون خزين .. سألتني ابنتي بصوت مخنوق : ماذا سنقدم على العشاء يا أمي فالمخزون كله نفد.. هتفت بحزن : خبز .. اشتروا خبزا بريالين من المحل المجاور.. ومضيت أفكر ليس معي ثمن الجبن وابني يحتاج وقودا للسيارة غدا .. إذا .. خبز مع الشاي انه أفضل وجبة .. بطني يعوي جوعاً وألماً وأفكاري تتطاير في كل الاتجاهات .. صوت التلفاز الصغير يعلو بدرجة تصم الاذان.. اسأل ابنتي ما الأمر ؟؟ قالت بانكسار : انه مؤتمر حقوق المرأة يا أمي في المدينة.. ابتسم بمرارة ودموعي تتحدث !!