هذه الأيام تقام العديد من المهرجانات السياحية في الكثير من مناطق المملكة , وتدرج غالبا ً ضمن برامجها أمسيات شعرية , وهذا التوجه منطقي لان هذه المهرجانات , تأخذ صفة الشمولية القادرة على تلبية اهتمامات أغلب شرائح المجتمع , وقد شكا الكثير من الزملاء الذين تطوعوا لتنظيم هذه الأمسيات من الممارسات السخيفة للشعراء الذين اتصلوا بهم , والتي تدل على قصور فاضح في الفهم وغياب تام في الإدراك لدى أغلب الشعراء الشعبيين لدينا , فهذا شاعر تظنه الساحة كبيراً يسقط ضحية لتوهم الأهمية , فيطلب أن يوقع خطاب دعوته من مسئول كبير في المنطقة الداعية , وهذا آخر يصر على أن يكون وحده على المسرح , وثالث يسأل عن وظيفة من سيستقبله في المطار , ورابع يسأل عن ديكور المسرح , وخامس يطلب أن تصاحبه أشعة ليزر أثناء دخوله , ومن يتأمل هذه الشكليات يدرك أن الكثير من الشعراء الشعبيين فقدوا الاتزان , وأصبحوا يتصرفون كمهرجين مما اسقط ورقة التوت عنهم وكشف عوراتهم الفكرية وضحالتهم الثقافية ومحدودية تفكيرهم , وقد لا نستبعد أن يطلب أحد هؤلاء المهرجون غدا ً أن يدخل المسرح على حصان أزرق , أو أن يطلب أن يكون ديكور المسرح رومانيا ً .. تأملوا هذا السلوك من شعراء يفترض فيهم أن يكونوا هم أول من يعرف مقتضيات الأمسيات الشعرية , وأول من يعرف رسالة الشعر , وأول من يلتزم بأخلاقيات الشعراء , بدلا ً من هذه الطلبات المثيرة للكثير من الأسئلة .. للكثير من التكهنات .. للكثير من الفرضيات . وسأتجاوز كل الخزعبلات التي طلبها هؤلاء المهرجون الشعبيون , لأن أغلبها سخافات قد يكشف البحث في كينونتها واقع الساحة الشعبية المزري , ولكنني سأركز على نقطة مهمة وهي تكاد تكون خاصة بالشاعر السعودي , ألا وهي إصرار بعض الشعراء على أن يكون وحده في الأمسية , وهو طلب غريب لم أجد له تفسيرا إلا الغرور الأجوف والكبرياء المقيت , أو الخوف من المقارنة التي قد تطيح بالشاعر الرافض للمشاركة من برجه الوهمي , علماً بأن الأمسيات المشتركة شيء طبيعي عند الشاعر الذي يثق في شاعريته , ويحترم جماهيره , والأمسيات المشتركة تقام بصورة طبيعية في جميع الملتقيات الشعرية , ولعل آخر أمسية مشتركة أقيمت كانت بدار الكوفة بلندن للشاعرين العراقيين سعدي يوسف وفاضل العزاوي وكان معهما على المسرح مترجمان يترجمان نصوصهما ترجمة فورية للغة الإنجليزية , وقد كان الحضور لا يتجاوز المائة شخص ثلثهم من أساتذة الدراسات الشرقية في الجامعات البريطانية , وقد نقلت الأمسية الكثير من القنوات الفضائية . إن المقارنة بين أمسية دار الكوفة , وبين أمسيات هؤلاء المهرجين تبين إلى أين أوصلنا هؤلاء المهرجين .. والى أين أوصلوا الشعر , علما ً بأن نصا واحدا لسعدي يوسف أو لفاضل العزاوي قادر على نسف تجارب هؤلاء المهرجين الذين جعلونا محط تندر الآخرين وسخريتهم . فقط قارنوا بين أمسية دار الكوفة بشاعريها وشعرهما وحضورهما وبين هؤلاء البؤساء الباحثين عن التميز بالطريقة الخطأ وفي المكان الخطأ وفي السلوك الخطأ , لتعرفوا كم نحن مستغفلون .. كم نحن مخدوعون .. كم نحن مجاملون على حساب ثقافتنا , و على حساب قناعاتنا , وعلى حساب رضا هؤلاء المهرجون الذين قد يطلبون غداً أن ننزل لهم القمر على المسرح حتى يؤشروا إليه عندما يريدون أن يصفوا وجوه عشيقاتهم. مقطع شعر ==1== كيف حال البحروالتبجيل وأصنام الجليد==0== ==0== اسأل أهل الحرف وادري وجه فقر الشعر كافر كل عاقل يعرف أن السالفه زدني وأزيد==0== ==0== سد جوعي وانصبك نجم ٍ له الساحه تناظر ==2==