يستكمل الباحث النقيب يحيي ابومغايض دراسته عن الحكومة الإلكترونية في المملكة ووضعية المؤسسات العامة وجاهزيتها بعد ان فند عوامل قيام الحكومة الالكترونية النموذجية في الجزء الاول من الدراسة. توافر الإمكانات التقنية بينت الدراسة التي اعدها الباحث ان المؤسسات العامة تمتلك حاسبات آلية تناسب تطبيقات الحكومة الالكترونية، وان اقسامها مرتبطة بشبكة حاسب آلي، حيث يميل افراد العينة الى الموافقة بشدة على هذه العبارات. كما اظهرت الدراسة الى حد فوق المتوسط ان لدى المؤسسات العامة متخصصين لمعالجة اعطال الحاسب والشبكات فورا، وانها تمتلك اجهزة حاسب كافية للتحول للعمل الالكتروني، وانها تقوم بتحديث تقنياتها بشكل دوري، وانها ترتبط مع فروعها آليا، وان لديها خططا لتطوير ومواجهة مشاكلها التقنية، وانها تمتلك خدمات صيانة متكاملة لتقنية المعلومات، وانها تمتلك التقنيات اللازمة لتطبيق مفهوم العمل الالكتروني، وانها توفر خدمة البريد الالكتروني وشبكة الانترنت لموظفيها، وان موقع المؤسسة الالكتروني يقدم خدمات تعريفية فقط، حيث يميل افراد الدراسة الى الموافقة على ذلك مع وجود بعض التباين في آرائهم. واظهرت الدراسة انقسام افراد العينة نحو استعانة المؤسسات العامة بجهات خارجية لمعالجة مشاكل واعطال الحاسب الآلي فورا، وانه يمكن اداء الاعمال الادارية عن طريق الموقع الالكتروني، وانه توجد صعوبات في تصفح الموقع الالكتروني الخاص بالمؤسسة. وأوضحت الدراسة ان المؤسسات العامة تستخدم الربط الشبكي، حيث بلغت نسبة استخدام شبكة الانترنت (72.5 بالمائة) ، و(52.1 بالمائة) ، اما نسبة شبكة الاكسترانت فقد بلغت 6 بالمائة، وقد تبع ذلك استخدام البريد الالكتروني بنسبة 71.7 بالمائة. وبينت الدراسة ان نظام ادارة قواعد بيانات يأتي في المرتبة الاولى من حيث الاستخدام في المؤسسات العامة وبنسبة قدرها 53.6 بالمائة. ويأتي في المرتبة الثانية نظام تشغيل البيانات وبنسبة مقدارها 29.8%. وقد تلاه في الترتيب نظام آلية المكاتب وبنسبة قدرها 24.5% ، ثم استخدام نظام معلومات اداري بنسبة قدرها 23 بالمائة. وقد جاء في المرتبة الاخيرة نظم دعم القرارات ونظم الخبرة بنسبة مقدارها على التوالي 8.3% و5.3% وهذا يتماشى مع تعقد تقنيات وبرامج النظامين الاخيرين وما يتطلبه العمل عليهما من تأهيل ومعرفة عالية، وبالتالي فان تطبيقهما في المؤسسات العامة قد يكون شبه نادر ويمكن تفسير هذه النتيجة بأن بعض المؤسسات لديها المعرفة والتقنية حول هذين النظامين ولكن دون تفعيل واقعي في انشطتها. هذا بخلاف الانظمة التقنية الاخرى المتقدم ذكرها والتي يعتبر وجودها في المؤسسات العامة ثمرة استخدام الحاسب الآلي فيها. وقد اظهرت دراسة البشري (1418ه / 148) ان الاجهزة الحكومية المركزية تستخدم نظام تشغيل البيانات ونظام ادارة معلومات اداري ونظام ادارة قاعدة بيانات. وبشكل مجمل فقد اوضحت الدراسة ان المؤسسات العامة لديها القدر المناسب من تطبيقات الانظمة التقنية المعلوماتية ، ولديها نظام التشبيك الكمبيوتري، والتي تشكل حجر الزاوية في تطبيقات الحكومة الالكترونية، وكذلك توافر بقية الامكانات التقنية والفنية (بالرغم من تفاوت آراء افراد العينة) بالقدر المقبول للتحول للعمل الالكتروني، مما يمكن معه القول: ان القدرات التقنية والفنية التي تشكل عنصرا تكامليا موحدا متوافرة بالقدر الكافي الذي يمكن معه التحول للعمل الالكتروني. توافر المتطلبات الادارية الهياكل التنظيمية يقترب افراد الدراسة من الموافقة على ان هياكل المؤسسات العامة الحالية لا تناسب تطبيقات الحكومة الالكترونية، وبالتالي ضرورة اجراء بعض التغييرات الطفيفة على الهيكل التنظيمي، وعلى العلاقات الادارية بين الاقسام، وعلى المسئوليات الوظيفية بما يتناسب مع الوضع الجديد. وبشكل اجمالي نجد ان الهياكل التنظيمية الحالية للمؤسسات العامة تحتاج الى اعادة نظر في بعض جوانبها وبالقدر الذي يناسب نشاط كل مؤسسة ليمكن التحول لتطبيقات الحكومة الالكترونية. العمليات والاجراءات يميل افراد العينة الى الموافقة على ان العمليات واجراءات العمل الحالية والمطبقة في المؤسسات العامة تحتاج الى مواءمة مع تطبيقات الحكومة الالكترونية، وذلك باضافة بعض الاجراءات او تعديلها او اعادة تصميمها ليمكن التحول للعمل الالكتروني. الانظمة واللوائح بالرغم من انقسام افراد العينة حيال تناسب انظمة ولوائح العمل الحالي للمؤسسات العامة من تطبيقات الحكومة الالكترونية، الا انهم يقتربون وبشكل كبير جدا من الموافقة على حاجة تلك اللوائح والانظمة الى صياغة تؤهلها لمسايرة مرحلة التحول للعمل الالكتروني. التخطيط المستقبلي لتطبيقات الحكومة الالكترونية ينقسم افراد الدراسة حيال مدى وجود التخطيط لتطبيقات الحكومة الالكترونية في المؤسسات العامة، ولكنهم اقرب الى الموافقة على وجود التخطيط بالرغم من وقوع المتوسط الكلي ضمن الشريحة الثالثة من المقياس الخماسي. ونخلص اجمالا الى ان المؤسسات العامة تعاني قصورا في الجوانب الادارية بحيث لا تتماشى بوضعها الحالي مع ما تفرضه الحكومة الالكترونية من متطلبات ، وبالتالي فهي تحتاج الى احداث ملاءمة مع بيئة العمل الالكتروني المستقبلي. اهم التوصيات في ضوء النتائج التي خلصت اليها الدراسة بجانبيها النظري والميداني، فان الدراسة توصي بما يلي: @ ان تسعى المؤسسات العامة الى ادراك الحكومة الالكترونية كمفهوم اداري ومعرفة مضمونه بعمق وما يمثله للعملية الادارية، والنظر اليه كتطبيقات ادارية تعاضدها مقومات التقنيات المعلوماتية المتطورة مما يساهم في تعزيز الوعي بهذا المفهوم وبالتالي دعم امكانية تطبيقه على ارض الواقع. @ ان تقوم المؤسسات العامة بنشر الثقافة الالكتروينة بين موظفيها مما يعزز الوعي بجوانب التقنيات المعلوماتية عموما والحكومة الالكترونية خصوصا، وذلك بتناول هذا الموضوع من عدة جوانب وبطرق مختلفة كالندوات والزيارات الميدانية والنشرات والايام الثقافية الى غير ذلك من الوسائل. ويفترض ان يتم ذلك من واقع قناعة وحماس من الادارة العليا حتى يمكن الوصول الى جعل المعرفة الالكترونية ركنا من اركان ثقافة المنظمة. @ يجب الاستفادة من خبرات الاجهزة الحكومية التي تقدم الخدمات التعليمية في مجال التعليم العالي، وما تضمه بين جنباتها من اكاديميين ومتخصصين وبالاخص في الفكر الاداري فضلا عن التقنية المعلوماتية، كون تلك الاجهزة لديها القدرات اللازمة للمساهمة في تحقيق مشروع الحكومة الالكترونية، كالمساهمة في عملية رفع مستوى الوعي بالمفاهيم العلمية والتطبيقية الحديثة والتي من ضمنها مفهوم الحكومة الالكترونية، فضلا عن مشاركتهم في كل مراحل هذا المشروع. @ يجدر بالمؤسسات العامة وهي تعايش الثورة الرقمية وتدرك تأثيرها على العملية الادارية بشكل خاص، ان تولي هذه التقنية الاهتمام الكافي والسعي الى رفع مستوى مهارات منسوبيها بإلحاقهم بالبرامج التدريبية والتعليمية التي تكفل قدرتهم على التكيف مع هذه التقنيات والقدرة على التفاعل معها عند استخدامها في العملية الادارية. @ يجب على المؤسسات العامة كذلك ان تستفيد من الانظمة التقنية والمعلوماتية المتاحة وهي : (نظم تشغيل البيانات، آلية المكاتب، قواعد البيانات، نظم المعلومات الادارية، نظم دعم القرارات، نظم الخبرة) والتي تدعم العملية الادارية من منطلق حتميتها في العمل الاداري، وذلك بتطوير وتحديث ما لديها من انظمة موجودة اصلا، والسعي الى ادخال الانظمة التقنية غير الموجودة لديها، وبالتالي يمكن بعد ذلك التهيؤ لتطبيق الحكومة الالكترونية بعد توافر الانظمة التقنية التي تشكل اساس وجودها. @ كون الحكومة الالكترونية تعتمد بشكل جوهري على التقنيات الرقمية الحديثة والخبرات الفنية، فانه يجدر بالمؤسسات العامة ان تسعى عبر توجه استراتيجي الى توفير تلك التقنيات فضلا عن الخبرات الفنية المدربة وفق خطط مدروسة بما يكفل تلبية الاحتياجات منها في الوقت والمكان المناسبين، وبالتالي محاولة ردم الفجوة بين واقع المؤسسات العامة الحالي وما يتطلبه تطبيق الحكومة الالكترونية في المجالين التقني والفني. @ يفترض ان يعتمد توفير الاحتياجات التقنية والفنية الحديثة التي تتطلبها تطبيقات الحكومة الالكترونية على دراسات ميدانية مرتبطة بحاجات المؤسسات العامة الفعلية والبيئة التي تعمل ضمنها سواء في الزمن الحالي او لفترات زمنية مستقبلية، لكي يمكن التغلب على المعوقات المحتملة مستقبلا وبالتالي تلافي الهدر في المال والطاقات وتعطيل الخدمات. @ تشكل التقنيات المعلوماتية الحديثة العمود الفقري الذي تقوم عليه تطبيقات الحكومة الالكترونية ولهذا يجب ان تكون معرفتنا بهذه التقنيات في درجة متقدمة، وان ندرك ان للتقنيات الدقيقة ومنها المعلوماتية مصاعب كثيرة جدا، خاصة في ظل غياب الدول النامية عن السوق الانتاجي لهذه الصناعة بما في ذلك صناعة البرمجيات وانظمة الحماية الامنية، وما يعتري هذه الصناعة من اعتمادية تبادلية ذات تطور زمني متسارع جدا، مما يجعل مواكبة مستجداتها بالنسبة للبلد المستهلك امرا بالغ التعقيد خاصة في ظل ما تحتاجه تلك التقنيات اللازمة للعمل الالكتروني في المؤسسات العامة من استثمارات مالية ضخمة. @ العملية الادارية عملية تكاملية، ولهذا سيكون لادخال تطبيقات الحكومة الالكترونية تأثيرات على المؤسسات العامة ومنها ما يتعلق بالهيكل التنظيمي، بما في ذلك من تغيير في خطوط السلطة والمسئوليات الوظيفية وعلاقات الاقسام والوحدات الادارية مع بعضها. وهنا يجب ان يكون هناك استعداد للتغيير في وقت مبكر بتحليل الآثار المحتملة على كل هذه الجوانب ومن ثم ايجاد الحلول المناسبة والمتوافقة مع حيثيات الوضع الجديد. @ ستكون هناك تغييرات حتمية ستطال العمليات والاجراءات في المؤسسات العامة عند تطبيق الحكومة الالكترونية، وكمتطلب اساسي يجب ان يكون هناك توافق بين العمليات الادارية من جانب وبين منظومة الحكومة الالكترونية من جانب آخر، وهذا يتأتى كذلك بالتحليل والدراسة للاجراءات والعمليات المحتملة للجهاز الاداري في ظل التطبيقات الالكترونية المستقبلية. @ تحتاج تطبيقات الحكومة الالكترونية في المؤسسات العامة الى لوائح وانظمة تحكم عمليات التبادل المعلوماتي ذي الكثافة والاستمرارية العاليتين، وذلك لضمان امن المعلومات بما في ذلك السرية والخصوصية خاصة في ظل سهولة الوصول الى المعلومات ونقلها الكترونيا. ولمواجهة هذا الوضع الجديد يتحتم على المؤسسات العامة ايجاد الانظمة واللوائح التي تحكم التدفق المعلوماتي بما يتوافق مع متطلبات الحكومة الالكترونية من جانب وحاجات المجتمع من جانب آخر. @ يجب ان يكون تحول المؤسسات العامة لتطبيقات الحكومة الالكترونية عبر تخطيط دقيق ومتكامل مع بقية اجهزة الدولة، ونجد انه الخطوة التي يجب البدء بها اولا باتباع اسس واساليب التخطيط السليم من منظور تكاملي على المستوى الوطني. @ للقطاع الخاص دور حيوي وهام في دعم تطبيقات الحكومة الالكترونية وبالذات المهتم بالمجال التقني، حيث يشكل العمق الاستراتيجي الذي تعتمد عليه الجهات الحكومية فيما يخص التقنيات المعلوماتية، ولذلك يفترض ان يكون له دور في مشروع الحكومة الالكترونية وان يتبلور هذا الدور من خلال الخطة المعدة للتحول للعمل الالكتروني.