يركز الاتجاه الحالي للإدارة الحديثة على إدارة التقنية، على اعتبار أن المنشأة كل متكامل، وكل عنصر فيها جزء من نظام عام، وتتكامل جميع الأجزاء لتؤلف نظام العمل بشكل كامل، وكل جزء ومجال يعتمد على بقية المجالات الأخرى، وبناء على ذلك تعتبر المنشأة نظاماً مثل الآلة، مما أوجب على المدير أن يدرك أهمية البيئة المحيطة بمنشآته والتفاعل معها والحصول منها على جزء كبير من المعلومات، وأن يتقن كل أنواع وأنماط النظم التقنية وكيفية الاستفادة منها إدارياً لصنع القرارات الرشيدة التي تحقق أهداف العمل المنشودة. التقنية عبارة عن مجموعة من العناصر الآلية اللازمة لجمع وتشغيل البيانات لغرض تحويلها إلى معلومات تساعد مراكز العمل المختلفة في اتخاذ القرارات السليمة، وتقوية الوضع التنافسي للمنشأة، وتحسين الكفاءة، ورفع مستوى الإنتاجية، وتمكين المدراء من تخصيص وقت اكبر للمهام الإستراتيجية، وتوفير إمكانية دراسة ومعالجة المشكلات الكبيرة والمعقدة، والمساعدة في تنفيذ القرارات، وانجاز المهام الإدارية المختلفة، ومساعدة الإدارة في التعرف على الفرص والاستجابة لها بسرعة اكبر، وتقديم خدمات جديدة أفضل، وزيادة العائدات مع تخفيض التكاليف وفتح فرص وأسواق جديدة، وتشجيع إدارات المؤسسة على الاشتراك بشكل مباشر، وتشغيل ومعالجة البيانات، ودعم القرارات الإستراتيجية، وإعداد التقارير الإدارية، ودعم المدراء وجماعات العمل، ورقابة العملية الإنتاجية. أما التقنية الإدارية فهي عملية استخدام الأجهزة المكتبية ونظم المعلومات وشبكاتها في انجاز الأعمال المكتبية اليومية والدورية في المؤسسات والتي تتطلب تحديد الأعمال الواجب أتمتتها وأولويات عمليات التقنية فيها، وإجراء توصيف دقيق للأعمال والإجراءات القائمة، ودراسة واقع أرشيف المعلومات في المنظمة، وإعادة هندسة إجراءات العمل بما يتوافق مع التقنية الإدارية، وإعادة تأهيل العاملين لمحو الأمية المعلوماتية، وتخصيص الموارد المالية اللازمة لمشروعات التقنية، وتوفير شبكة اتصالات رقمية حديثة كافية لدعم التقنية الإدارية، وتشجيع صناعة البرمجيات، والقيام بمشروعات تقنية قطاعية أولا، ووضع دليل ومنهجية عامة للتقنية الإدارية. وتهدف التقنية الإدارية إلى زيادة تنافسية المنظمة أو المؤسسة، وتخفيض تكاليف الإنتاج والهدر وضبط المخزونات، ورفع جودة العمل الإداري ودعم اتخاذ القرار، ورفع مستوى التخطيط الإداري، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمتعاملين، واستخدام التجارة الالكترونية والمصارف المؤتمتة. ومع أن للتقنية عيوباً كتراجع أهمية المدير في الهيكل الإداري نتيجة تراجع التواصل البشري وقدرة الفرد على الإقناع المباشر، إلا أنه يمكن تلافيها من خلال تحفيز المدراء والإبقاء على الاجتماعات المباشرة، وتطوير دور مؤتمرات الفيديو لتوصيف الأعمال بشكل أفضل، والتخفيف من ظاهرة الفساد الإداري، والاستغناء عن المراسلين، وزيادة قدرة المدير على معرفة وفهم واجباته الإدارية ليتمكن من اتخاذ قرار عقلاني رشيد. إن دور التقنية في الإصلاح الإداري يؤدي إلى نتائج مذهلة على صعيد تطوير الإدارة وتحقيق أهدافها بحيث يمكن الحصول على المعلومات وتحديثها دون انتظار في أي وقت وبشكل مستمر وبتكلفة قليلة، كما تساعد على سرعة اتخاذ القرارات، وتوفير مساحات في المكاتب، والقضاء على الواسطة والمحسوبية، وتبسيط الإجراءات، والقدرة على مراجعة المعلومات بفاعلية، وإمكانية المشاركة في المعلومات، وسهولة الاتصال مع الذين يسكنون بعيدا عن مركز المؤسسة، وتصميم صفحات الويب للإعلام عن كل نشاطات الإدارة، والتسجيل الالكتروني، وعقد الاجتماعات عن بعد، والحصول على معلومات بلغات أجنبية لنفس الموضوع الواحد. لقد أصبحت التقنية اليوم حجر الزاوية في عمل كل إدارة وكل مدير، فالمعلومات هي التي تبني مستقبل المؤسسة وأوضاعها ومواقفها وعلى أساسها يتم العمل والإنتاج والتسويق والنجاح، ولذلك يجب توجيه الأنظار نحو التقنية والمعلومات ودراستها بشكل مستفيض، كما يجب التعرف على العوامل المؤثرة على قيمة المعلومات ودور التقنية فيها، وعلى كل مدير أن يتعرف على احدث تقنيات المعلومات وكيفية إدخالها واستخدامها في ميدان ونطاق عمله الإداري، وأن يستعمل التقنية الحديثة لتحقيق أهداف الإدارة وبرامجها التي هي بالأساس أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس على مستوى معيشة وحياة الناس. إن التقنية ليست ترفا وإنما ضرورة، حيث تغير وتبدل الاتصال الإنساني بجميع أشكاله؛ شاملة الأعمال، المنظمات، الأسر، المجتمعات، وجميع العلاقات الإنسانية ونمط التواصل الاجتماعي. ولذلك فإنه لزام على كل مدير للتحول إلى الخدمات الإلكترونية أن يركز على: كيف يمكن للتقنية المعلوماتية أن تعيد تشكيل العمل والإستراتيجيات، استخدام التقنية المعلوماتية في تطوير الإستراتيجيات وليس فقط من اجل مكننة الأعمال الروتينية، الاستفادة من أفضل الطرق في تطبيق التقنية المعلوماتية، زيادة المخصصات المالية لتمويل التقنية المعلوماتية المطلوبة، حماية الخصوصية وتوفير الأمان، تشكيل أنشطة ذات علاقة بالتقنية المعلوماتية لتحفيز التنمية الاقتصادية، استخدام التقنية المعلوماتية لتشجيع العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع متوازن ومتكافئ الفرص، والاستعداد لانطلاقة الحكومة الإلكترونية التي يتم التحضير لها منذ سنوات.