تسعى الحكومات إلى تحقيق تطلعات شعوبها بتوفير الحياة الكريمة لهم عبر تقديم الخدمات والسلع العامة، مستعينة في ذلك بما أنتجه الفكر الإداري من طرق وأساليب تطورت وتجددت بتطور وتجدد مهام المنظمات بشتى أنواعها، وبتطور مخترعات وابتكارات العقل البشري التي من بينها ثورة التقنية المعلوماتية التي يشهدها عالم اليوم. ويقود هذه الثورة الحاسب الالكتروني هذه الآلة التي دخلت عالم الانسان وتغلغلت في معظم جوانب حياته إن لم تكن سيطرت عليها . ومن أبرز اسهامات الفكر الإداري في الاستفادة من التقنيات الحديثة إن لم يكن الأهم على الاطلاق مفهوم الحكومة الإلكترونية، وعلى ذلك فقد تمثلت مشكلة الدراسة التي قام بها الباحث النقيب يحيى محمد علي أبو مغايض من وزارة الداخلية من خلال بحثه لرسالة الماجستير في الكشف عن مدى توفر متطلبات تطبيق الحكومة الإلكترونية في المؤسسات العامة بالمملكة العربية السعودية وما يتعلق منها على وجه الخصوص بالكادر البشري والامكانات التقنية والفنية والجوانب الإدارية. وقد تم استخدام المنهج المسحي الوصفي لتحقيق أهداف الدراسة والتي تم إنجازها بالرياض 1424/ 2004م التي قسمت إلى جزءين أحدهما نظري تناول الباحث فيه الكتابات النظرية ذات العلاقة كالأساس النظري والفكري لاستخدام الحاسب الآلي والتقنية المعلوماتية في الإدارة العامة وتطور تلك الاستخدامات في العملية الادارية عبر الزمن، ثم الحكومة الالكترونية من حيث المفهوم وعناصره الرئيسية والبنية التحتية المعلوماتية وابعاد خدماتها ومتطلبات تطبيقها والمعوقات التي يمكن أن تعترضها ومراحل تطويرها وأهدافها وآثارها، ثم توجهات المملكة العربية السعودية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، ثم مفهوم المؤسسات العامة، وأخيرا الدراسات والبحوث السابقة. أما الجزء الميداني فقد تم جمع بياناته باستخدام الاستبانة على عينة مقدارها (384) مفردة بحث من العاملين في الوحدات الإدارية المختصة بتقنيات المعلومات في المؤسسات العامة بمدينة الرياض . نتائج وبإجراء التحليل الاحصائي للبيانات بواسطة برنامج التحليل الاحصائي (SPSS) خلصت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها : تفاوت متطلبات العنصر البشري اللازمة لتطبيقات الحكومة الإلكترونية من حيث مدى توفرها لدى الوحدات الإدارية التقنية في المؤسسات العامة، فنجد أن الوعي بجوانب الحكومة الالكترونية لم يصل إلى المستوى المناسب، بينما المهارات الخاصة بالتقنيات المعلوماتية متوفرة بمقدار كاف لدى مجتمع البحث بما يمكنه من التحول للعمل الالكتروني . وتوفر القدرات التقنية والفنية والتي تشكل عنصراً تكامليا موحداً بالقدرالكافي الذي يمكن معه التحول للعمل الالكتروني. وضعف التوافق بين الوضع الإداري للمؤسسات العامة وما تفرضه الحكومة الالكترونية من متطلبات على الهياكل التنظيمية، والعمليات والاجراءات ، واللوائح والأنظمة، وحتمية التخطيط المستقبلي. توصيات وفي ضوء نتائج الدراسة تم اقتراح عدد من التوصيات إذ يجدر بالمؤسسات العامة السعي إلى رفع مستوى وعي موظفيها بمفهوم الحكومة الالكترونية وتعزيز مهاراتهم وقدراتهم المعرفية بالتقنيات المعلوماتية الحديثة. كما يتطلب أن تقوم المؤسسات العامة بتحديث وتطوير الأنظمة التقنية المعلوماتية المتاحة لديها وأن تسعى عبر توجه استراتيجي إلى توفير الاحتياجات التقنية والفنية الحديثة التي تتطلبها تطبيقات الحكومة الالكترونية وفق دراسات مرتبطة بحاجاتها الفعلية والبيئية . ويتم تهيئة الأوضاع الادارية في المؤسسات العامة، وخاصة فيما يتعلق بالهياكل التنظيمية وإجراءات العمل والأنظمة الداخلية وفق خطط استشراف مستقبلي ليمكن التحول لتطبيقات الحكومة الالكترونية. وفي دراسة مسحية ميدانية على المؤسسات العامة ومدى اندماجها في موضوع الحكومة الالكترونية بالمملكة والتي قام بها الباحث النقيب يحيى بن محمد أبو مغايض . والتي قدمت لنيل درجة الماجستير في الادارة العامة بكلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود بالرياض. وقد تمثل مجتمع الدراسة في العاملين بالمؤسسات العامة وفروعها بمدينة الرياض وتمثلت عينة الدراسة في العاملين بالوحدات الإدارية ذات الاختصاص التقني وقد ارتبط اعداد هذه الدراسة بالتحولات العالمية من تطور تقني متسارع خاصة في مجال الاتصالات والتقنية الرقمية، وتنامي ظاهرة العولمة واتجاه الحكومات والاقتصاد العالمي إلى تبني التقنيات الحديثة اثناء تقديم خدماتها. وارتبط كذلك بشكل رئيسي بالتوجهات الوطنية للمملكة في مجال الاستفادة من التطور التقني والتكنولوجي في شتى المجالات وفقاً لما تضمنته خطة التنمية السابعة عدة استراتيجيات رئيسية ومن بينها ما تضمنه الهدف الاستراتيجي الرابع عشر من حتمية بناء قاعدة وطنية للعلوم والتقنية قادرة على الابتكار والتجديد ونشر التقنية وتطويعها، بتفعيل مؤسسات البحث والتطوير، وتوفير المعلومات لمواجهة التطورات التقنية المتسارعة، وتكوين الكفاءات الوطنية القادرة على التعامل مع قضايا استيراد وتطويع وتوطين التقنية . ووضع خطة وطنية مقترحة لتطوير تقنية المعلومات على مدى عشرين عاماً بناء على توجيه صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله، وقد تضمنت أهدافاً عديدة ومن بينها ما ورد ضمن الهدف الخامس عشر من ضرورة وضع الأسس والأطر اللازمة لتقنيات الحكومة الإلكترونية. فضلاً عن اضطلاع وزارة التجارة بمهمة متابعة التطورات في ميدان التجارة الإلكترونية وما يوفره ذلك من تسليط الضوء على احتياجات المملكة المتعددة في مجال الحكومة الإلكترونية. المكونات وتتكون الدراسة من خمسة فصول رئيسية، تغطي جانبي الدراسة النظري والميداني، حيث يناقش الفصلان الأول والثاني الجانب النظري، وتناقش بقية الفصول الجانب الميداني. إذ ناقشت الدراسة في فصلها الأول. الإطار العام للدراسة بشكل كامل من خلال، مشكلة أو محور الدراسة، وأهمية الدراسة العلمية والعملية، كما أوضح الفصل أهداف الدراسة وتساؤلاتها ومصطلحاتها والصعوبات التي واجهت تنفيذ الدراسة. كما ناقش الفصل الثاني الأدبيات التي لها علاقة بالحكومة الإلكترونية بالتحليل والعرض للمفاهيم، والنظريات الفكرية التي شكلت هذا المفهوم، وما يمكن أن يحققه هذا المفهوم للعملية الإدارية، والجوانب المتعددة لهذا المفهوم وخاصة ما يتعلق بالجانب التقني. كالإطار النظري بدءا من استخدام الحاسب الآلي وانتهاء بنظرة حول المؤسسات العامة مروراً بمفهوم الحكومة الإلكترونية ومراحل تطورها. وتطرق الفصل الرابع للدراسة إلى مناقشة تحليل وعرض البيانات وتفسيرها، عن طريق تحليل البيانات بواسطة برنامج التحليل الإحصائي spss المستخدم في العلوم الإنسانية والاجتماعية، تمهيداً لاستخراج النتائج. بالتحليل الوصفي وخصائص أفراد العينة وأنظمة التقنيات المعلوماتية المستخدمة في المؤسسات العامة ومتطلبات العنصر البشري والمتطلبات التقنية والفنية والمتطلبات الإدارية وانتهاء بمتطلبات تطبيق الحكومة الإلكترونية مجملة. كما شمل التحليل الإستدلالي علاقة الصفات الديموغرافية بمتغيرات الدراسة وتأثير تنوع المؤسسات العامة على متغيرات الدراسة. أما الفصل الخامس والأخير فاستعرض ثمرة الدراسة بأهم النتائج التي تم التوصل لها وأهم التوصيات المقترحة. مشكلة البحث يقول ابو مغايض: تتطلع الحكومات الى الثورة على العمل الاداري التقليدي بالاتجاه نحو تطبيق الحكومة الإلكترونية كمفهوم اداري حديث , لتحقيق تطلعات شعوبها في الاداء الافضل وتحسين الخدمات ,ولم تكن حكومة المملكة غائبة عن هذا الطرح العالمي والوصول الى تطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية في جميع انواع الاجهزة الادارية , ومن بينها المؤسسات العامة والتي تعتبر تنظيما اداريا ذا طبيعة خاصة تتناسب مع نوع النشاط وتتمتع باستقلال مالي واداري يكفل لها التحرر من قيود البروقراطية الحكومية وتعقيداتها مما يعينها على النهوض بمهامها ووظائفها على اكمل وجه, ولكن هذا الطموح له مطالب واحتياجات متعددة يجب التعامل معها, وعليه فأن الدراسة قد ناقشت الحاجات الملحة واللازمة التي يجب توفيرها ليمكن تطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية في المؤسسات العامة بالمملكة. ويأمل ابو مغايض ان تكون هذه الدراسة قد اعطت اجابات كافية وواضحة حول المشكلة محل البحث والمتمثلة بشكل رئيسي وموجز في : التعرف على مدى توفر المتطلبات البشرية والتقنية والادارية اللازمة لتطبيق الحكومة الالكترونية في المؤسسات العامة بالمملكة. الاهمية يقول ابو مغايض: تنبع اهمية هذه الدراسة من حداثة مفهوم الحكومة الإلكترونية الذي يعتبر جديدا على المستوى الاكاديمي من حيث الطرح والتصور خاصة في المحيط العربي . ناهيك عن حداثته على المستوى التطبيقي في المؤسسات العامة, وما ذلك الا نتاج التوجه العالمي لغالبية الدول نحو آفاق العمل الالكتروني مما يجعل التعرف على جوانب هذا المفهوم الحديث أمرا ملحا لنتمكن من الانتقال الى تطبيقه على ارض الواقع وبالتالي امكانية التوافق والسبق في المجال المحلي والعالمي, لا سيما في ظل تنامي ظاهرة العولمة وما تفرضه على الدول من تداعيات يجب الاستعداد لها طواعية وبنظرة موضوعية تحقق المصالح والاهداف وتكفل تجنب ما يمكن ان ينتج عنها من اثار ونتائج غير حميدة. علميا ومن الناحية العلمية يقول ابو مغايض : (ان) لهذه الدراسة اهمية كبيرة كونها تطمح الى المساهمة في اثراء المكتبة الادارية العربية بمادة جديدة تتناول مفهوم الحكومة الالكترونية الذي يعتبر حديثا وتفتقر المكتبة العربية الى المساهمة العلمية في هذا المجال , خاصة ان هناك نوعا من الندرة في المؤلفات او الدراسات العلمية المنشورة حول الحكومة الالكترونية وبذلك فان هذه الدراسة ستشكل احدى اللبنات الاساسية حول هذا المفهوم املا في دفع عجلة البحث العلمي في هذا المجال الحيوي. ومن الناحية العلمية فتشكل الدراسة سندا نظريا يساعد على التطبيقات في مجال الحكومة الإلكترونية , وستكون معينا لمتطلبات التطبيق الفعلي للعمل الكترونيا على الصعيد الاداري, وتزداد اهميتها كونها تأتي ضمن اطار التوجهات الوطنية نحو الاستفادة من التقدم التقني والتكنولوجي في شتى المجالات ومن ضمنها المجال الاداري والذي ينعكس بدوره على كافة المجالات في الدولة. صعوبات: وواجه الباحث ابو مغايض بعض الصعوبات في الحصول على المادة العلمية النظرية وتتمثل هذه الصعوبات كما يصنفها في: ندرة المؤلفات او الدراسات حول موضوع الحكومة الإلكترونية داخل المملكة و قلة تداول هذا المصطلح أكاديميا مقارنة بغيره من المفاهيم خاصة من حيث الطرح النظري والنقاش داخل الاروقة العلمية. كما يمكن الحصول على مادة علمية لا بأس بها بواسطة شبكة الانترنت ولكن السواد الاعظم من تلك الكتابات المؤصلة علميا كتبت باللغة الإنجليزية , أما القليل جدا مما كتب باللغة العربية فأغلبه في جانب الأخبار الصحفية والتقارير , وفي غالبها تخدم اهدافا صحفية وتسويقية. ويشكل الجانب التقني جزءا هاما من فهم وادراك موضوع الدراسة , وبالتالي تطلب ذلك جهدا مضاعفا من الباحث للتعمق وفهم الجوانب التقنية التي لها ارتباط أساسي بموضوع الدراسة. كما ان الاضطلاع بمهمة الربط العلمي للكثير من الافكار والعناصر ذات العلاقة عند تصميم الاطار النظري مما خلق صعوبة كبيرة في الخروج بدراسة تتميز بترابط الافكار وتسلسلها , كون الكتابات التي تيسرت للباحث حول موضوع الدراسة قد تناولته بشكل جزئي في جانب معين حسب هدف كاتبها دون وجود أي ترابط مباشر بينها وبالتالي واجه الباحث صعوبة في الخروج باطار نظري علمي مترابط ومتسلسل يلقي الضوء على مفهوم الحكومة الالكترونية من كل زواياه المتعددة. الاهداف ويوضح ابو مغايض ان الدراسة تسعى الى تحقيق الهدف الرئيسي وهو الكشف عن مدى توفر المتطلبات البشرية والتقنية والادارية اللازمة لتطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية في المؤسسات العامة بالمملكة. كما قامت الدراسة على عدة تساؤلات عن مدى توفر المتطلبات اللازمة للعنصر البشري المتعلقة بتطبيق الحكومة الالكترونية في الوحدات الادارية التقنية في المؤسسات العامة. ويتفرع منه مدى توفر الوعي بجوانب الحكومة الالكترونية ومدى توفر المهارات اللازمة لتطبيق الحكومة الالكترونية و مدى توفر المتطلبات التقنية والفنية في المؤسسات العامة اللازمة لتطبيق الحكومة الالكترونية ومدى توفر المتطلبات الادارية للمؤسسات العامة اللازمة لتطبيق الحكومة الالكترونية ويتفرع منه تساؤلات وهي: أ ما مدى مناسبة الهياكل التنظيمية الحالية لتطبيقات الحكومة الالكترونية؟ ب ما مدى توفر العمليات الادارية الملائمة لتطبيقات الحكومة الالكتروتية؟ ج ما مدى توافق الأنظمة واللوائح الادارية مع تطبيقات الحكومة الالكترونية؟ د- ما مدى وجود التخطيط نحو التحول للعمل الإلكتروني؟ مفاهيم وأوضحت الدراسة ان الحكومة الإلكترونية Electronic government : هي عملية التحول الجذري للعمل الحكومي من الأسلوب المتعارف عليه إلى العمل الإلكتروني، عن طريق نافذة الخدمات الإلكترونية الحكومية، والمتاحة للمواطن والمقيم والشركات على مدار الساعة. العمل إلكترونيا ( الإدارة بلا أوراق): يعني أداء العمل الإداري بشكل أفضل بمساعدة الأجهزة ذات الدوائر الكهربية الإلكترونية كأجهزة الحاسب الآلي وملحقاتها، وبالتالي تكوين ما يسمى بالتشغيل الإلكتروني الذي يشمل نظاماً مركباً من تكامل المجهود الإنساني مع الآلة المستخدمة في العمل الإداري. التقنية الرقمية Digital technology: وهي الأجهزة التي تعتمد في عملها على النظام الرقمي الثنائي ( صفر، واحد) في تمثيل الرموز والأرقام والحروف وغيرها ومن ثم القيام بعمليات التخزين والمعالجة والاسترجاع، والتي تعتبر لغة عمل داخلية للجهاز لا يمكن رؤيتها من قبل المستفيد ولكنه يرى نتائجها في صورة يفهمها. المؤسسات العامة: المؤسسة العامة هي مشروع اقتصادي أو خدمي له شخصية معنوية تملكه الدولة وتديره بأساليب تختلف عن الإدارة التقليدية للجهاز الحكومي، وذلك لسد حاجات عامة من حاجات المجتمع. حدود الدراسة البعد الموضوعي: ركزت الدراسة على جانب المتطلبات اللازمة لتطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية ومدى توفر تلك المتطلبات في المؤسسات العامة من منظور إداري، دون الخوض في الجوانب التقنية والفنية الدقيقة التي لا تندرج ضمن اختصاص هذا البحث. البعد المكاني: تم إجراء الدراسة على المؤسسات العامة في مدينة الرياض والتي تمثل في مجموعها مجتمع الدراسة الذي يمكن تعميم نتائجها عليه فيما يخص المحور التقني والفني والمحور الإداري، أما المحور البشري فيجب الحذر من تعميم نتائجه خارج إطار الوحدات الإدارية المختصة بتقنية المعلومات في المؤسسات العامة، مع أهمية إدراك الفروق بين خصائص مجتمع البحث وأي مجتمع آخر إذا ما أردنا التعميم خارج نطاق مجتمع الدراسة. المفهوم الإلكتروني يوضح أبو مغايض مفهوم الحكومة الإلكترونية قائلاً:- يعتبر مفهوم الحكومة الإلكترونية من المفاهيم الحديثة جداً والتي ظهرت كنتيجة لتطورات تقنية ذات بنية تفاعلية مع الإنسان على مستوى جغرافي واسع، ولأن هذا المفهوم مازال في بداياته الأولى من حيث التفعيل العملي والانتشار الجغرافي بالرغم من قدم التجربة الإدارية في مجال الاستفادة من المخترعات الحديثة، إلا أنه بما يحمله من تغيير جذري وكبير في مجال الإدارة الحكومية فقد اتسم بمظاهر استقلال تميزه عن غيره. وبالرغم من أن مصطلح الحكومة الإلكترونية يحتوي على كلمة إلكترونية إلا أنه ليس مصطلحا تكنولوجيا، بل مصطلحا إداريا يعني التحول الجذري في المفاهيم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتسويقية وعلاقة الأفراد والمؤسسات مع بعضها البعض، ولهذا فإن التركيز على كلمة الحكومة وليس كلمة الإلكترونية. وتمثل الحكومة الإلكترونية مشروعاً عملاقاً يعيد خلق الحكومة من جديد، باتباع وسائل مبتكرة لأداء الأعمال عن طريق تطويع التقنية وتسخيرها لتنفيذ مهام الأجهزة الحكومية، مما يجعل الجودة والتميز شعارها ويحولها إلى مؤسسة اقتصادية تنافس القطاع الخاص في كل ما يتمتع به من مزايا تنافسية وفي مقدمتها الجودة وكسب رضا المستفيد. وقد عرفت الحكومة الإلكترونية من قبل المفكرين بصيغ متعددة ومتنوعة ويمكن تعريفها حسب رؤية الباحث بأنها: تمكن الأجهزة الحكومية المختلفة من تقديم خدماتها في إطار تكاملي، لكل فئات المستفيدين دون اشتراط التواصل المكاني أو الزماني، باستخدام التقنية الإلكترونية المتطورة، واستهداف الجودة والتميز وضمان الأمن المعلوماتي. النتائج أظهرت الدراسة في جانبها الميداني عددا من النتائج تتعلق بالإجابة عن تساؤلات الدراسة وبالتالي الإجابة عن تساؤلها الرئيسي وهو: ما مدى توفر المتطلبات اللازمة لتطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية في المؤسسات العامة بالمملكة العربية السعودية؟ ونعرض تلك النتائج كما يلي: التساؤل الأول: مدى توفر متطلبات العنصر البشري في الوحدات الإدارية التقنية: أظهرت الدراسة أن الوعي بجوانب الحكومة الإلكترونية يقع في المستوى المتوسط حيث بلغ المتوسط الحسابي الكلي، (3،22). وبشكل تفصيلي تفاوت وعي أفراد العينة من جانب إلى آخر حيث نجده في المستوى العالي بالنسبة للعمل الإلكتروني، والإدارة بلا أوراق، وشبكة الإنترنت وشبكة الإنترانت، بينما نجده في المستوى الأدنى فيما يخص المصادقة والموثوقية الإلكترونية، بينما كان الوعي ببقية مضامين العبارات في المستوى المتوسطة ولكن بشكل متفاوت أيضاً. وبالتالي يمكن القول أن لدى الوحدات الإدارية المختصة بتقنية المعلومات في المؤسسات العامة وعيا وإدراكا بدرجة كافية لبعض جوانب الحكومة الإلكترونية، ولكنه متدن في بعض الجوانب الأخرى، وكون الوعي بهذا المفهوم ومعرفة كل جوانبه بشكل تكاملي يعد أمراً بالغ الأهمية للعملية التطبيقية فإن درجة الوعي التي أظهرتها الدراسة لم تصل إلى المستوى الذي يكفل البدء بتطبيقات الحكومة الإلكترونية. كشفت الدراسة عن تمكن الوحدات الإدارية التقنية في المؤسسات العامة من المهارات اللازمة لتطبيق الحكومة الإلكترونية وبنسبة عالية حيث بلغ المتوسط الحسابي الكلي (3.75). وبشكل مفصل كان التمكن عاليا جداً من مهارة استخدام البريد الإلكتروني، بينما كانت المهارة عالية في التعامل مع الشبكات الحاسوبية، والتعامل مع الحاسب الآلي لأداء أعمال إدارية، والاستفادة من مزايا التقنية المعلوماتية، وتشغيل البرامج المكتبية، والاستفادة من شبكة الإنترنت وكذلك خدمات الويب. وقد كانت المهارة في المستوى المتوسط لعبارات التوفيق بين تطبيقات التقنية والجوانب الإنسانية، وتلافي سلبيات التقنية في المجال الإداري، ومعرفة أنظمة ولوائح التدفق المعلوماتي. وأوضحت الدراسة أن منسوبي الوحدات التقنية في المؤسسات العامة قد تلقوا برامج ودورات تدريبية وتعليمية لفترات زمنية مناسبة في مجال الحاسب الآلي وتقنية المعلومات وبنسب عالية تجاوزت النصف لكل أفراد العينة في كل البرامج التدريبية، مع تميز بعض البرامج التدريبية بنسب عالية جداً وصلت إلى (86%). وقد بينت الدراسة أن القطاع الخاص كان له دور في تنفيذ تلك البرامج أما بشكل مستقل أو بشكل مشترك مع الجهات التدريبية الحكومية. ومن ذلك نجد أن المهارات اللازمة للتعامل مع التقنيات المعلوماتية متوفرة لدى الوحدات الإدارية المختصة بتقنية المعلومات في المؤسسات العامة، بما يمكنها من استيعاب تطبيقات الحكومة الإلكترونية. وعلى ذلك بينت الدراسة أن متطلبات العنصر البشري لدى الوحدات ذات التخصص التقني في المؤسسات العامة واللازمة لتطبيقات الحكومة الإلكترونية متفاوتة من حيث مدى توفرها فنجد أن الوعي بجوانب الحكومة الإلكترونية لم يصل إلى المستوى المناسب، بينما المهارات الخاصة بالتقنيات المعلوماتية متوفرة بمقدار كاف للتحول للعمل الإلكتروني.