عندما أدخلت الشرطة رجلا غير حليق الذقن وبوجه عابس مليء بالثقوب الى الغرفة رفعت عشرات الفتيات عيونهن وحملقن فيه للتأكد من أنه هو الشخص الذي حاول بيعهن لدور البغاء في الهند. الفتيات وقفن هادئات، وهن يرتدين الثياب الملونة الطويلة التي حصلن عليها كهدايا من (أرباب العمل) العتيدين وهن ينظرن إلى الرجل الذي يصر على انه مجرد بائع فطائر على قارعة الطريق، وهن يعقدن سواعدهن على صدورهن او يداعبن جدائل شعرهن الاسود بأناملهن. انظرن جيدا، هل تعرفت إحداكن عليه؟ قد يكون غير مظهره. يقولها انواردا كويرالا رئيس مجموعة (مايتي نيبال) الناشطة في ميدان إنقاذ الفتيات من المواخير الهندية وإعادة تأهيلهن. وتهز كل الفتيات رؤوسهن نفيا انهن صادقات ولا يردن إلحاق الأذى بالرجل الغريب. إن الاتجار بالرقيق والجنس مشكلة كبرى في جميع أنحاء العالم. وتقدر الأممالمتحدة أن بين 700 الف وأربعة ملايين فتاة وطفل يباعون في العالم لإرغامهم على ممارسة الدعارة وأعمال الرق الأخرى سنويا ويكسب المتاجرون بتلك 7 مليارات دولار كل عام. من بين 150 امرأة وفتاة بعضهن لم تتجاوز سن الرابعة عشرة اللواتي طلب منهن النظر الى المشبوه بالاتجار بالرق في كاتمندو مؤخرا، كان قد تم إنقاذ 34 على 24 معبرا للحدود وتهريب الفتيات اللواتي لا يحتجن الى تأشيرات لدخول البلدان المجاورة سهل للغاية. وتقول إحدى الفتيات اللواتي أنقذن مؤخرا وتدعى كانتشيمايا: لا أعرف لماذا ذهبت قالوا لي إن الرحلة ستكون ممتعة. إن تهريب الفتيات بين النيبالوالهند كان قد تراجع مؤخرا خلال السنوات العشرة الماضية. إلا أن أعداد الفتيات المهربات أخذت ترتفع من جديد. ويقول كويرالا وهو وزير سابق إن أوضاع النساء السيئة أصلا قد تردت أكثر والآباء يرسلون الصبيان الى المدرسة والفتيات يتزوجن ويخدمن الآخرين ولذلك تهملهن عائلاتهن او تبيعهن. الفتاة لاما (18 سنة) تضع قرطا من الماس الزائف في أنفها، ويحمر وجهها عندما تسألها إذا كان لها صديق او ما اذا كانت متزوجة. كطفلة صغيرة كانت لاما تعتقد أن الرحلة الطويلة بالباص الى بومباي المركز المالي المزدهر للهند على ساحل بحر العرب كانت مغامرة عظيمة. والنساء اللواتي كن في المنزل النيبالي الجميل حيث تركها الجد كن لطيفات معها. وتقول لاما: كانت هناك قاعة كبيرة فيها أسرة كثيرة تفصل بينها ستائر، ولم أكن أعرف ماذا يجري في الداخل الى ان جاء رجل وجلس الى جانبي على السرير. وظلت لاما تقاوم الرجال لمدة شهر رغم الضرب الذي كانت تتعرض له كل يوم ثم تخلى عنها القائم على الدار وباعها الى بيت دعارة آخر. وفي المنزل الجديد كانت هناك غرف أفضل ولم يرغموا لاما على ممارسة الجنس لمدة اسبوعين والمديرة كانت لطيفة جدا وعاملتني كابنتها ولكي ترضي هذه الام بالوكالة توقفت لاما عن مقاومة الرجال وكان عمرها ثماني سنوات فقط. وتقول لاما: لم أكن أعرف أنني أعمل شيئا سيئا، لم أحب ما كان يجري ولكنني أردت أن أرضي المديرة. ثم بدأت الحمى وأرسلها الماخور الى بيت الفتيات المريضات حيث أمضت أربع سنوات وحيدة ومريضة. وعندما بلغت لاما الحادية عشرة شرح لها طبيب معنى أن تكون إيجابية المصل بفيروس المناعة البشرية. وفي السنة التالية أنقذت الشرطة الهندية لاما وسلمتها لمجموعة نيبال مايتي لاعادتها الى كاتامندو. ويعتقد أن عشرات الألوف - وربما مئات الألوف من الفتيات والنساء النيباليات يعملن في دور البغاء الهندية، وكثيرات من الفتيات يتم اختطافهن، وبعضهن تبيعهن عائلاتهن فيما تذهب أخريات للعمل بملء إرادتهن دون أن يعرفن وجهتهن النهائية. وتقدر منظمة هيومن رايتس ووتش ان ثمة 20 ألف امرأة في دور البغاء في مدينة بومباي وحدها فيما تقول منظمات أخرى: ان العدد هو 45 الفا في بومباي و40 الفا في كالكتا المدينة الكبيرة في شرق الهند. والتهريب عمل مربح في النيال حيث شراء الفتيات بثمن لا يزيد على أربع دولارات ثم بيعهن الى دور البغاء بمبالغ تصل الى 1500 دولار حسب نيبال مايتي. وهذا العمل ليس مقتصرا على بلدان العالم الثالث روبرت بليك القائم بالأعمال الأمريكي في نيودلهي قال خلال مؤتمر عن تجارة الأطفال في شهر أيلول الماضي: إن أمريكا تعاني من نفس المشكلة بالتأكيد وأن ما يقدر بحوالي 50 الف امرأة وطفلة يتم تهريبهن الى الولاياتالمتحدة سنويا. وقال بليك: يجب أن نعترف أن العولمة قد فرخت أشكالا جديدة من الجرائم الخطيرة عبر الحدود والمؤسف أن الاتجار بالرقيق شأنه شأن الاتش اي في يصيب الذين لا حول لهم ولا قوة.