قرأت كتاب (البخلاء) للجاحظ, في سن مبكرة جدا,ومع هذا لم أكن اظن ابدا ان هذه الشخصيات المضحكة, المبكية حقيقية قد تعيش بيننا, وأنها قد توجد في كل زمان ومكان, بل كنت اظنها محض خيال كاتب مبدع, او شاعر يقول مالا يفعل, وكنت أحسب ان ما يروى عن هذه النماذج انما ألف للفكاهة, والطرافة, والتندر والضحك, وربما ان مثل هذه التصرفات تصدر من صاحبها مكرها, بسبب الفقر, وماعلمت ان الفقر) لاعلاقة له ب(البخل) أبدا.. قالت صديقتي الحميمة عين الزمان:عرفت سيدة, حالتها المادية لاغبارعليها جيدة جدا بدليل ماتملكه من عقارات مؤجرة, وتجارة, وسكنها بمنزل تملكه, غير أنها دائمة الشكوى, وكثيرة التذمر, ولا تلبس الا من ابخس أنواع الثياب, ولاتنفق الا كارهة, عفا الله عنها.قلت:ياعين لعل لها عذرا. قالت: بل هو البخل قاتله الله, قال تعالى: (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) قال أحدهم يهجو بخيلا:==1== خان عهدي عمروٌ وما خُنتُ عهده==0== ==0== وجفاني وما تَغَيّرتُ بعدِه ليس لي مُذ حَييتُ ذنبٌ إلَيه==0== ِ ==0== غير أنِّي يوماً تغديت عنده==2== وشتان بين بخيل وفقير,وان اردتم الدليل فإليكم بضعة أبيات من قصيدة الحطيئة:==1== رأى شبحا وسط الظلام فراعه==0== ==0== فلما بدا ضيفا تشمر واهتما فقال ابنه لما رآه بحيرة==0== ==0== ايا أبتِ اذبحني وهيئ لهم طعما ولا تعتذر بالعدم علّ الذي طرأ==0== ==0== يظن لنا مالا فيوسعنا ذما==2== لعلنا نقرأها ذات يوم فنتعظ..أيها القراء,أنا عرفت كثيرا من البخلاء,ممن استعمر الشح نفوسهم,هل تعرفون بخيلا؟