** البخل .. والكرم .. صفتان لا تجتمعان في إنسان أبداً وإذا كان الكرم عادة محمودة وخصلة كريمة مطلوبة فإن البخل من أشنع الصفات التي يمكن أن يوصف بها الإنسان..فهما صفتان لا تلتقيان في انسان واحد: وقد قدم الجاحظ نماذج غاية في الشطط "البخلي" فأنماط الجاحظ في"البخلاء" تتفاوت في الإسلوب .. والنهج وإن كانت تلتقي في النهاية في مصب "البخل". ولعل من أطرف البخلاء خالد بن صفوان وهو من مشهوري العرب في البخل .. فخالد هذا كان يقول للدرهم الذي يحصل عليه .. باعيار كم عيروكم تطوف وتطير لأطلب حبسك ثم يدخله في الصندوق ويقفل عليه في حرص شديد .. وقد أحب أحدهم ذات يوم أن يطرح عليه سؤالاً كان يحمل الكثير من الخبث .. عندما قال له: لم لا تنفق ومالك عريض.. أي كثير؟ وبلا تردد قال له : الدهر أعرض منه: فالبخيل إنسان يتآكل من داخله في كل لحظة .. ويعيش الحيرة والقلق في كل ثانية.. ويمارس التطلع إلى مافي أيدي الآخرين ولايجد للراحة سبيلاً إلى نفسه .. وباختصار فالبخيل .. هو في الحقيقة "جابي أموال وحارس عليها لغيره" فقط.. ألم تسمع قول الشاعر الساخر ابن الرومي: يقتر عيسى على نفسه وليس بباقي ولاخالد ولو استطاع بتقتيره لنفسٍ من منخر واحد