والغريب أنه جاء في التراث: (ان العامة تتطير من الغراب اذا صاح صيحة واحدة , فاذا ثنى تفاءلت به ) إذن فالطيرة والفأل لا علاقة لهما بنفس الغراب المسكين , بل بنفوس الناس وأوهامهم التي يصنعونها بذواتهم ويسجنون عقولهم فيها. هل قرات من قبل هذا البيت: عادتنا لا زلت في تباب عداوة الحمار للغراب؟ هذا الشاعر اللوذعي العبقري المبدع المحلق في آفاق البنيوية وما بعدها كيف وصل إلى هذا الاكتشاف المذهل , وهو أن هناك عداء متوارثا بين الحمار وبين الغراب. عداء لم تخفف من غلوائه آلاف السنين التي عاشاها هما واجدادهما على هذه الأرض. أين قرأ هذا الشاعر علم نفس الحيوانات والطيور ووصل الى كهف تلك العداوة بين الحمار والغراب وحددها ووزنها وذرعها ثم كالها على أسماعنا في بيته هذا؟ هل قرأ ذلك في مضارب بني عبس أم في خيام بني القينقاع أم بني طبة وامه الطرطبة؟ واتساءل: بأي شكل من الاشكال يعبر الحمار والغراب عن عدائهما لبعضهما اذا التقيا صدفة في مكان واحد؟ هنا تكون الاحتمالات محدودة فالتعبير بين حيوان وبين طائر أي طبيعتين مختلفتين , ولكن (لابد مما ليس منه بد) سيعبر الحمار عن بغضه وازدرائه للغراب بان ينهق نصف نهقة, ويقصد بهذا التعبير أنك يا غراب لا تستحق نهقة واحدة. وعلى الفور سيرد الغراب بأن ينعب نعبة واحدة لأن النعبة الواحدة هي التي تجلب التشاؤم في نظر عامة الناس. الاحتمال الثاني أن يتفاخرا , فيقول الغراب للحمار ألم تقرأ ايها الحمار الشعر العربي , ألم يعبروا عن الشباب بسواد جناحي فيقول اكبر عاشق فيهم: واذ لم==1==تي كجناح الغراب==0== ==0==ترجل بالمسك والعنبر==2== فيضحك الحمار ويقول: ألم تسمع: ==1== حمار اذا ما سابق الريح خلته==0== ==0==حصانا له في كل جنب جناحان وان جاش فيه الشوق للنهق صفقت==0== ==0==اتان ورفت حوله رفتان ويحمل حملا لا يكاد يطيقه==0== ==0==لشدة ما في ثقله حيوان==2==