اثارت الورقة التي قدمها الأديب والقاص ممدوح القديري في أدبي أبها بمناسبة تكريمه جدلاً حاداً بينه وبين الحضور من الناحية النقدية حيث اتضح أن هناك احتلافا في وجهات النظر والقدير الذي بدا هادئاً طوال الأمسية ومسترسلاً في ايصال مفاهيمه النقدية حول ورقته التي جاءت بعنوان المشهد الثقافي والأدبي المحلي بدا أكثر شراسة حين الدفاع عن وجه نظره جراء المداخلات التي جاءت بعد المحاضرة . والقديري له صولات كثيرة في قراءة الأدب المحلي قد أصدر مؤخرا كتابا عن كتاب القصة في رجال ألمع، ولعل النادي اتخذ من هذا التاريخ منطلقا لتكريمه بعد تاريخ طويل من الخدمة في مجال التعليم والفكر والثقافة . وفي ورقته حلل القديري الواقع الثقافي المحلي من منظار نقدي من خلال متابعة مستمرة للفعاليات الثقافية والأدبية وقال في البداية إن هناك خللاً واضحا في الثالوث الأدبي في إشارة إلى الكاتب والمتلقي والناقد وقال أن هناك تلاعباً بمصطلح الثقافة مع أنه أسلوب حياة وممارسة وفكرية وروحية وجمالية. مضيفا أن هناك جوقة من المنشدين حول بعض الأسماء المعروفة احتفالية سطحية كلما ظهر لها نتاج ما، وضرب مثلا على ذلك بكتاب (حكاية الحداثة للغذامي) مشيراً إلى أن هناك ما يسمى بتوزيع الألعاب المجانية فهذا عميد الرواية وذاك عميد (الأدب) وهذا أكاديمي وهذا باحث، وهناك مشروع نقدي .. رغم أنه مازال مبتدئاً ودخيلا على المشهد النقدي والأدبي. وألمح القديري إلى أن هناك موضوعات وعناوين نقدية لم تعد تحظى بالاهتمام الكافي من قبل الكتاب المحليين مثل اللسانية والأسلوبية والحداثة، في الوقت الذي يلحظ التشدق بالتفكيكية الغربية والتي لا تناسب الأدب العربي لأنها تخلخل النظم الثابتة مع ضياع المعنى لكثرة التأويلات . وصنف القديري أنواع النقاد في المشهد المحلي إلى أربعة أنواع 1 أصحاب النقد الجاد المفيد مثل د. منصور الحازمي وعاصم حمدان، د. الحارثي على سبيل المثال لا الحصر. 2 الاستعراضيون الانتقائيون وخطابهم يمتلىء بالأحاديث والأسماء مما يؤدي إلى تشتيت الفكرة الأساسية ومنهم الناقد محمد العباس. 3 أصحاب النقد الجريء المكشوف ومنهم أحمد العرفج 4 متحذلقو شبه النقد الارتجالي الكيدي التجريحي وهم يكتبون نيابة عن غيرهم ومنهم من تكلم عن كتابي المبسط (مبدعون من عسير) وعلمت أنهما مدفوعان لإرضاء بعض معارفهما من المغتاظين من موضوع الكتاب. وبعد هذا التصنيف تحدث القديري عن ظهور روايات لا تولي عناية بهموم ومشاكل المجتمع وبالتالي لا تستحق الالتفات إليها لأنها غامضة وبلا معنى وجاءت تقليداً للفرنسيين من أمثال ميشيل بوتور، وناتالي ساروت وكلود سيمون وغيرهم، رغم أن رواد الرواية السعودية تناولوا هذه الهموم مثل عبد القدوس الأنصاري وحامد دمنهوري وغيرهما. وقدم القديري مقترحات للمشهد الثفافي حسبما يراه ضمن أربعة مقترحات حيث قال أن أهمها تكون جماعة لنقد جديد في الخطاب السردي أما المقترح الثاني فهو تخصيص أمسيات قصصية للإبداع الحديث للتعرف عليه بطريقة مباشرة، وإفساح المجال للمشاركة النسائية المنبرية عن طريق الدائرة التلفزيونية، وقاعة خلفية لإعطائهم فرصة للتعبير والرد على الآراء النقدية التي تقال في إبداعاتهم . أما المقترح الأخير فهو ألا تحجب الآراء المعارضة لما ينشر من نقد إرضاء لبعض المعارف والشلة. وقد جاءت أهم المداخلات من الدكتور عاطف الدرابسه والتي أثارت حفيظة المحاضر حيث قال: يبدو لي أن المحاضر قد وظف جملة من المفاهيم النقدية المعاصرة دون بيان الفرق الجوهري بين تلك المفاصل، وهي مفاصل مغيرة في حركة النقد وتنتمي إلى النقد النصوصي، فنظرية التلقي تختلف عن التكفيكية، كما إن السريالية لا تتعانق مع الحداثة، فالسريالية تولدت من رحم علم النفس ونظرية فرويد عن الحلم كما إن هناك فرقا بين مقولات التفكيك عند دريدا والعمل المفتوح عند امبرتو إيكو الذي يشير إلى تعدد المعنى، وأخيراً فإن حركة تغير واختلاف جاءت في عصر لا يعترف إلا بالتغير . ضيف المسامرة على الدكتور الدرايسه قائلا لقد هاجمتني في بداية حديثك ولكن اسألك عن المحافطة واتحدى انك تعرف عنها أي شيء فأنا قد أكون الوحيد الذي يدرك ذلك والسريالية ليست حداثية فقد ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وهي نوع من الحداثة التي تنتمي إليها الحداثة، أما التفككية فمن مبادئها إلغاء المؤلف فلسفيا، وقال القديري أن المحافظة في مصطلحات ما بعد الحداثة. أحمد العرفج منصور الحازمي