حين سمعت التونسية رشيدة سلموك بمقتل" لطيفة" التي كانت زميلة لها في المدرسة الابتدائية بمنطقة " غاليربا" لم تكن تتصور أنها ستعرف المصير المأساوي ذاته، بعد أقل من 3 أشهر. كانتا قد افترقتا نهائياً، بعد أن انتقلت "رشيدة" للعيش في بلدة "لوميو" في منطقة أخرى في جزيرة كورسيكا، وانقطعت أخبارهما عن بعض وحين قرأت " رشيدة" في صحيفة محلية خبر مقتل صديقة طفولتها " لطيفة" لم يخطر بذهنها أنها ستعرف المصير ذاته على يد زوجها "علي"، خاصة أن رشيدة بخلاف صديقتها لم تكن متمردة، بل رضيت بالزواج التقليدي الذي فرضته عليها عائلتها. وهكذا تم تزويجها من علي الذي لم تكن تعرفه من قبل، لكن هذه الزيجة لم يكتب لها أن تعمر طويلاً، حيث لم تلبث رشيدة أن بدأت تطالب بالطلاق بسبب خلافاتها المتكررة مع زوجها. لم يتقبل على بسهولة طلب زوجته بالطلاق، ولم يفهم أسباب عدم سعادتها على الرغم من كل الجهود التي بذلها لإنجاح هذا الزواج، وفي خلال سعيه المحموم لمعرفة سر عدم سعادة زوجته، ورغبتها بالانفصال عنه، وقع علي على شائعة تشير إلى أن في حياتها سراً دفنياً يعود إلى مرحلة الطفولة، حيث بلغه أنها كانت في صغرها ضحية للتحرش من أحد أصدقاء عائلتها. وبدلاً من أن يسعى للتثبت من صحة ذلك، وأن يتعامل مع زوجته على أساس أنها ضحية وليست مذنبة، استبدت الغيرة بالزوج " علي"، وقادته إلى اقتراف جريمة مأساوية مزدوجة، حيث استل بندقية صيده، وأطلق النار على زوجته، فأرداها قتيلة، ثم انتحر هو الآخر باستعمال البندقية ذاتها. وقد دفعت هاتان الجريمتان اللتان وقعتا في أقل من ثلاثة أشهر، بالاختصاصيين في قضايا الإجرام العائلي في فرنسا، إلى التساؤل عن السر وراء حدوث ذلك في جريزة " كورسيكا" بالذات، رغم أن الجالية العربية فيها لا تتعدى بضع مئات، بخلاف المناطق الفرنسية الأخرى التي تعج بملايين العائلات العربية، ولم يسبق أن بلغت الخلافات بين البنات وعائلاتهن مثل هذه الدرجة من العنف المأساوي.